بات من المؤكد عجز لبنان عن تخطي الازمة ضمن الوصفات السابقة والمبادرات الاقليمية و الدولية وبات لزاما عليه التأقلم مع وقائع جديدة تفرضها حسابات الدول ومصالح الامم من دون الاخذ بعين الاعتبار مصير الوطن الصغير.
لا يمكن تشخيص الواقع اللبناني من دون توسيع دائرة الرؤية حول ما يجري في المنطقة والعالم، بإختصار شديد أزمة لبنان متعلقة بتطورات الساحة السورية والوضع الميداني في اليمن مرورا بتعقيدات مفاوضات البرنامج النووي الايراني وصولا إلى الصراع المستجد على حدود أوكرانيا.
هذا الامر لا يلغي سبب الانسداد المحلي الذي يتمثل بعقم النظام السياسي و عجز الداخل على ابرام تفاهمات تساهم في تمرير المرحلة ضمن اقل الخسائر، وعلى العكس تماما هناك اصرار على سياسة تعطيل المؤسسات وحتى ضربها في الصميم ما يصيب الأطراف الخارجية بالدهشة من كثرة الاستهتار الحاصل.
من الواضح بأن الادارة الاميركية ليست بوارد ترك إيران تحتل فراغ قرار الانسحاب العسكري من العراق كما حصل سابقا عند سقوط نظام صدام حسين، حيث تشير المعطيات في سوريا الى تحرك ديبلوماسي أميركي منذ فترة لمواكبة الانسحاب الايراني الجزئي في الجنوب وإعادة تموضع النظام السوري في محيطه العربي، لكن ليس على حساب تحالفه مع إيران.
بالمقابل ، فان إيران ليست بوارد التنازل عما حققته طيلة السنوات الماضية من خلال التوسع و بناء منظومة اذرع عسكرية في المنطقة، ويعتبر لبنان “درة تاج” محور المقاومة، كما حزب الله الذي بات رمزا عالميا لنهج الخميني في تصدير الثورة خارج حدود إيران.
انطلاقا من ذلك ترجح مصادر ديبلوماسية قيام دور روسي فاعل في معالجة الازمة اللبنانية من زاوية ارتباطها بعملية السام في سوريا، وقد بدأت موسكو إرسال إشارات تتعلق بالوضع اللبناني على شكل نصائح تتولى توجيهها لاصدقائها في لبنان ، كما مواكبة الاتصالات مع الأطراف الفاعلة وتحديدا مصر وفرنسا والسعودية.
التدخل الروسي قد لا يصل حد التورط في التناقضات الداخلية بقدر حفظ التوازنات الدقيقة التي تدركها موسكو جيدا ، فضلا عن شبة علاقاتها مع أطراف النزاع على الرقعة اللبنانية من إيران واميركا و أوروبا حتى الخليج العربي، وهذا ما قد يفرض ضبط الوضع اللبناني من دون الوصول الى الفوضى الشاملة.
التعويل على دور روسيا في سلام سوريا كما في استقرار لبنان
