نرفض رفضاً قاطعاً تعطيل إنعقاد مجلس الوزراء خلافاً للدستور

12 ديسمبر 2021

أكد البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في عظته خلال قداس الأحد في بكركي أنّه “لا يمكن للبلاد أن تسير من دون سلطة إجرائية تقرر وتصلح وتجري الإصلاحات وتنفذ القرارات الدولية وتراقب عمل الوزراء وتمارس كامل صلاحياتها الدستورية”، وأضاف: “لا يمكن القبول بحكومة تعطّل نفسها بنفسها”.

 
وسأل: “هل في نيّة المعطّلين اختبار تجريبيّ لما ستكون عليه ردود الفعل في حال قرّروا لاحقًا تعطيل الإنتخابات النيابيّة فالرئاسيّة؟ وكيف يستقيم حكم من دون قضاء مستقلّ عن السياسة والطائفيّة والمذهبيّة، علمًا أنّ العدالة أساس الملك؟”.
 
وأردف: “إنّنا نرفض رفضاً قاطعاً تعطيل إنعقاد مجلس الوزراء خلافاً للدستور، بقوّة النفوذ ونيّة التعطيل السافر، لأهداف غير وطنيّة ومشبوهة، وضدّ مصلحة الدولة والشعب”. 
 
وقال الراعي: “نصلّي لكي يصغي إلى إلهامات الله المسؤولون، خصوصاً الذين يستعملون نفوذهم السياسيّ لعرقلة اجتماع مجلس الوزراء، وسير التحقيق العدليّ في كارثة انفجار المرفأ، ولكي تستعيد الدولة مسيرتها الطبيعيّة بمؤسّساتها الدستوريّة”.
 
ولفت الراعي إلى أنّ “الشعب لا يملك القدرة للذهاب إلى طبيب، وإذا استطاع ووصف له دواء فلا يجده لا في الصيدليّات ولا في المستوصفات ولا في المستشفيات ولا حتى في وزارة الصحة”.
 
وأردف: “أدويةُ الأمراضِ المزمنةِ والمستعصِيةِ تتبخر قبل أن تَصل إلى المرضى، فيموت الناسُ في بيوتِهم وعلى الطرقاتِ وأمام أبوابِ المستشفيات والوزارات. هذه حالة كارثيّةٌ لم يَعرِفْها لبنان في تاريخه”.
 
وأشار الراعي إلى أنّ “ما يزيد من قلق اللبنانيّن ايضًا القرار رقم 96/1، تاريخ 25 تشرين الثاني 2021 الذي أصدره وزير العمل السيد مصطفى بيرم، وأثار موجة عارمة من الإحتجاج أدلى بها رجال قانون ودستوريّون. فاعتبروا عن وجه حقّ أنّ القرار يسير في اتجاه معاكس لما ورد في مقدمة الدستور حول رفض التوطين، كما أنه لا يراعي مبدأ المعاملة بالمثل، ولا يأخذ بالاعتبار مبدأ الأفضلية في تأمين العمل للبنانيين في هذه الظروف العسيرة، كما أنه لا ينسجم مع بعض قوانين المهن الحرة (محاماة، طب، هندسة) التي تفرض شروطاً خاصة للسماح للأجنبي بممارستها، حتى أنه يفتح باب العمل أمام الذين استثناهم في الإدارات العامة والمؤسسات العامة والبلديات”. 
 
وتابع: “وبنتيجة كلّ ذلك، بما أنّ قرار وزير العمل يتعارض مع مجموعة قوانين خصوصاً القوانين التي تنظم المهن الحرة، يعتبر رجال القانون وجوب تقديم دعوى امام مجلس شورى الدولة وطلب ابطال هذا القرار”.
 
وقال: “بقدر ما نحترم الذات الإنسانيّة ونشعر مع النازحين واللاجئين، نلفِتُ النظرَ إلى أنَّ مسؤوليّةَ الاعتناء بهؤلاءِ الإخوة تعود إلى الأممِ المتّحدةِ من خلال منظمة الأونروا للفِلسطينيّين، وإلى المفوضيّةِ العليا لشؤونِ النازحين السوريين. إنَّ لبنانَ عاجزٌ عن تلبيةِ حقوقِ نحو مليونَي لاجئٍ ونازح، ونطالب لهم، احترامًا لكرامتِهم،بحياةٍ طبيعيّة، وبأن يجدَ العربُ والعالمُ حلًا نهائيًّا للقضيّة الفلسطينيّة خارجَ لبنان، وللنازحين السوريّين بإعادتهم سريعًا إلى بلادهم”.
 
وفي سياق منفصل، قال الراعي: “تابعنا بفرحٍ وتقديرٍ تدشينَ كاتدرائيّةِ سيدة العرب في المنامة، عاصمةِ مملكةِ البحرين الشقيقة. هذا الحدثُ السعيد يَدّل على تقدّمِ الحوار بين الأديان، وخصوصًا بين المسيحيّةِ والإسلام، ويُبرزُ نهجَ الانفتاحِ الذي يَسلُكه ملكُ البحرين في إطارِ الانفتاحِ الخليجيّ عمومًا. وحبّذا لو أنَّ اللبنانيّين الّذين أُنشئ وطنُهم نموذجًا لتعايشِ الأديان أنْ يُحييوا هذه الرسالةَ العظيمة عوض طعنِها كلَّ يوم. ففيما تولدُ الصيغةُ اللبنانيّةُ في العالم لا يجوز أن تسقطَ في أرضها الأم، لبنان”.
 
وختم قائلاً: “يا ربّ، ساعد كلّ واحد وواحدة من البشر أن يصغوا إلى صوتك وإلهاماتك، لكي يصححوا حياتهم وطريقة عيشهم ونظرتهم إلى الحياة، فيتمّوا إرادتك الخلاصيّة، ويبنوا تاريخًا بشريًّا أكثر إنسانيّة، لمجدك، أيّها الآب والإبن والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين”.