خمسة أشهر هي المدة التي استمر فيها إضراب المحامين الأخير، وخمسة أسابيع هي المدة التي توقف فيها التحقيق في انفجار مرفأ بيروت في آخر جولات التعطيل، لكن “الخمستين”، على اختلاف مساريهما، يبدو أنهما تسيران في خط متوازٍ كشفت عنه مصادر عدلية، وذلك حين بدأت تتحدث همساً تارة وجهراً تارة أخرى عن تلازم لصيق بين المسارين، كيف ذلك؟
تقول المصادر العدلية إن إضراب المحامين الذي أعلن عنه نقيب المحامين السابق ملحم خلف على خلفية العلاقة غير السوية وإنتفاء الندّية بين جناحي العدالة، أي القضاة والمحامين، شكّل وجهاً آخر لقطع الطريق على المحقق العدلي في إنفجار المرفأ القاضي طارق البيطار وتجميد عمله، بعلم وعن سابق تصوّر وتصميم من خلف، لكن من دون مباركة منه، على قاعدة ” مكره نقيبكَ لا بطل”. الأسباب المعلنة والموجبة للإضراب كانت بالنسبة لغالبية المحامين غير مقنعة وغير ذات أهمية، وبالتالي لا تبرّر إضراباً استمر خمسة أشهر ولم يحقق الغاية المأمولة، في مرحلة مأزومة من عمر الوطن على الصعد كافة.
المصادر تؤكد أن المخفي في هذا السياق أكثر بكثير من المعلَن، وأن الحماسة، أقله الإعلامية، التي أبداها النقيب السابق سرعان ما وهنت وتلاشت على رغم إتخاذ النقابة مجتمعة صفة الإدعاء الشخصي في قضية المرفأ، فأين يكمن “بيت القصيد” في هذه الأحجية التي بدأت معالمها تتكشّف بعد الإنتخابات الأخيرة لنقابة المحامين والتسليم والتسليم بين النقيبين خلف وكسبار؟ ولماذا تراجع النقيب السابق عن مؤازرة التحقيق العدلي في جريمة المرفأ؟
هي أسئلة إرتياب مشروع تؤشر الى سياسة ما تمعن ضرباً في ملف تحقيق المرفأ، سياسة حوّلت العدلية الى حلبة ملاكمة حقيقية، سياسة ترتكز الى مبدأ “التخبيص” أو الهرطقات القانونية وهي غير مبالية بالندوب العميقة التي تترك أثرها في الجسم القضائي، وآخر هرطقاتها معادلة “المقايضة”، وهو ما تؤكده واقعة تعطيل عمل الحكومة.