مع إقترابنا إلى نهاية السنة، وفي ظل إستمرار تعطيل عمل مجلس الوزراء، إقتربت المحادثات الفنية بين الحكومة اللبنانية وصندوق النقد الدولي من نقطتين فاصلتين، الأولى تتعلق بالإتفاق على رقم موّحد ومقبول للخسائر، والثانية تقضي بتوزيع هذه الخسائر على الأطراف المعنية، وهي أربعة: الدولة، مصرف لبنان، المصارف والمودعون الكبار.
في موضوع حجم الخسائر، فقد سبق لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة أن أشار إلى أنه تم التوصل الى إتفاق على رقم موحد، وهو رقم أصغر من رقم الخسائر الذي سبق أن ورد في الخطة السابقة التي كانت وضعتها حكومة الدكتور حسان دياب. هذا التطور يعتبر إيجابيًا، خصوصًا أن هذا الرقم قد وافق عليه مندوبو الصندوق الذين وصفوا هذا الرقم بأنه واقعي ويتماهى مع الخطة الإنقاذية المتفق عليها مع الصندوق التي سيتم تمويلها لاحقًا.
وما يدفعنا إلى الإستنتاج بأن الصندوق قد وافق مبدئيًا على هذا الرقم الموحدّ هو أن رئيس الوفد اللبناني في المحادثات نائب رئيس الحكومة الدكتور سعادة الشامي صاحب خبرة واسعة في التعاطي مع الصندوق، بالإضافة الى حرفية كل من وزير المال يوسف الخليل وحاكم المركزي رياض سلام، مع العلم أن الجانب اللبناني قد خفّض رقم الخسائر، على رغم مرور حوالى 20 شهرًا على صياغة الخطة السابقة، بما يعطي فكرة عن مقدار المبالغة الذي اعتمدته حكومة دياب في هذا الإتجاه.
وفي موازاة الإنتهاء من إشكالية تحديد الخسائر جرى تسجيل خرق جديد على مستوى توزيع هذه الخسائر وفق ترتيب يأخذ في الحساب أهمية أن يتحمّل كل طرف مسؤوليته كاملة، وأن يكون صغار المودعين في منأى عن أي تأثير سلبي في هذا الإطار، وألا تكون نسبة “الهيركات”، التي لا بد منها في النهاية، موجعة جدا، إذ لا مجال لخلق أموال جديدة بالدولار لتصغير حجم الفجوة، وبالتالي، سيكون المخرج، وهذا ما هو مقترح حاليا، في تحويل كل الودائع الى الليرة، وقد يُعتمد منطق المساواة بين كل المودعين الكبار، سواء كانت أموالهم بالدولار أو لا تزال مودعة بالليرة.
من هنا تجدر الإشارة الى أن هذا الحل قد يُعتمد في الحالتين، في حال وافقت الدولة على تحمل جزء من الخسائر. لكن الفرق بين الحالتين، يتعلق بنقطتين وهما: سعر الصرف الذي سيُعتمد لتحويل الودائع الدولارية الى الليرة، والمدة التي سيتم تحديدها للسماح للمودع بسحب وديعته بالكامل.
لكن بعض الخبراء الماليين يرون انه لا بد من الإنتقال الى مرحلة جديدة، لأن الضرر سيصبح أكبر على الجميع كلما مّر الوقت من دون حل، ولأن سد الفجوة وتعويض الخسائر لن يتم أيضًا من خلال أعجوبة الإنتظار.
المهمّ في الموضوع، وهذا ما يشدّد عليه رئيس الحكومة من خلال التوجيهات التي تُعطى للوفد اللبناني المفاوض مع الصندوق الدولي، أن يُحفظ حق صغار المودعين في أي خطّة يمكن أن تُعتمد، ووفق سلم أولويات يأخذ في الإعتبار التوزيع العادل في تحمّل كل من الدولة والمصارف وكبار المودعين مسؤولية الخسائر، وذلك في إطار حلول شاملة وحاسمة وسريعة.
