عينُ دولة كبرى على مرفأ بيروت.. حقائق هامة تُكشف ويجب معرفتها

13 ديسمبر 2021
عينُ دولة كبرى على مرفأ بيروت.. حقائق هامة تُكشف ويجب معرفتها

حتى أواخر العام 2020، كانت الدراسات تشير إلى أنّ شركات الموانىء البحرية في الصين تملك جزئياً أو تدير، 95 ميناء في كلّ أنحاء العالم. بين تلك الموانئ، يوجد 22 ميناء في أوروبا، 20 ميناء في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، 18 ميناء في الأمريكتين، 18 ميناء في جنوب آسيا وجنوب شرقها، و9 موانئ في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. لكن ماذا عن موانىء البحر المتوسط تحديداً؟

وتشكل حافة البحر المتوسط مركز اهتمام القوى العالمية الكبرى، إذ أنّ الأكيد أنّ أحد أهم التغييرات في الخريطة الجيوسياسية للشرق الأوسط تحصل هنا، إنطلاقاً من الواجهة الشرقية للمتوسط، لتمتد على حافة تلك المياه، بدءاً من أشدود مروراً بمدينة بيروت وصولاً إلى ميناء بنزرت في تونس.

ويقول الأستاذ المساعد في قسم المالية والمخاطر والخدمات المصرفية في كلية الأعمال بجامعة نوتنغهام، سام بيتسون لـ”أخبار الآن”، إنّ “الشركات الصينية المشاركة في الصناعات الإستراتيجية كالإتصالات والنقل والتطوير العقاري، وطبعاً الموانىء والشحن البحري، تميل إلى أن تكون مؤسسات كبيرة مملوكة من الدولة الصينية، وتذكّر بعصر ماو في الصين حيث كان الجميع يعمل في شركات مملوكة من الدولة”.
 
ماذا عن مرفأ بيروت؟
 
دمّر انفجار الرابع من آب العام 2020 الجزء الأكبر من ميناء بيروت، ذات الموقع الإستراتيجي والحيوي، ما أدّى إلى تراجع نشاطه بانتظار إعادة الإعمار، التي لا يمكن للبنان الغارق بأزماته المالية الحادة، أن يتحمّل أعباءها وكلفتها، ما يستدعي انخراط جهات دولية عديدة في إعادة بناء ذلك الميناء.
 
 
وفي هذا السياق، يقول أحمد تامر، مدير عام النقل البري والبحرين في وزارة الأشغال بالإنابة ومدير عام مرفأ طرابلس في لبنان مدير عام لـ”أخبار الآن”، إنّ “مرفأ بيروت هو من أهم المرافىء في منطقة الشرق الأوسط، وقد تعرّض لحادث كبير، فيما إعادة إعماره مكلفة جداً، وثمّة جهات إستثمارية مهتمّة بذلك الأمر، وبالتالي إنّ ذلك ليس دعماً من دون مقابل، هناك عروضات عديدة، والجهات تريد أن تستفيد من الأمور المتعلقة بالإستثمار في الميناء”.

الصين واحدة من هذه القوى العالمية التي تسعى للدخول إلى خط إعادة الإعمار. ويثير احتمال اختيار لبنان بكين لتلك المهمة، قلقاً أمريكياً وأوروبياً نظراً لوجود أقدام صينية في موانىء تجارية ضخمة على البحر الأبيض المتوسط، لا سيما في مصر وإسرائيل واليونان، في إطار مشروع الحزام والطريق، تلك الإستراتيجية الصينية الشاملة للإستثمار في الطرق، والسكك الحديدية، وإنتاج الطاقة، ومرور البضائع ومشاريع البنية التحتية الأخرى، عبر أكثر من 60 دولة.
 
 
ويشير تامر إلى أنّ “الشركات الصينية كالشركات الأوروبية والأمريكية وغيرها، مهتمة بأعمال إنشائية في ميناء بيروت، ويهمّ الصين أن تدخل في مناقصة إعادة إعمار مرفأ بيروت، وهي كانت دخلت قبل ذلك في مناقصة تطوير مرفأ طرابلس وتوسيعه، وهي التي بنت رصيف الحاويات”. وتابع أنّ “التوجه الصيني هو توجّه استثماري على المدى الطويل وعلى استملاك هذا المرفق، نحن في لبنان ليس لدينا القوانين التي تراعي ذلك، وليس لدينا الخطة الاقتصادية التي توزّع القطاعات”.
 
 
إذاً يجري لبنان مناقشات مع دول عديدة حول إعادة إعمار ميناء بيروت، منها الصين وفرنسا وألمانيا وتركيا، بالإضافة إلى منافسين آخرين. وفي الرابع من أغسطس العام الجاري، عقدت فرنسا مؤتمراً بالإشتراك مع الأمم المتحدة لدعم لبنان، وثمّة تعهّدات آنذاك بتقديم مساعدات لإعادة بناء مرفأ بيروت من قبل كل من فرنسا وألمانيا، وسط وجود رغبة أمريكية بضمان عدم قيام الصين بذلك.
 
ويقول الباحث السياسي الدكتور محمد موسى لـ”أخبار الآن”، إنّ “لبنان تلقى عروضاً كثيرة لإعادة إعمار ميناء بيروت بعد الإنفجار الذي حصل في الرابع من أغسطس 2020″، مشيراً إلى أنّ “العرض التركي لم يُكتب له النجاح بفعل الحساسية من الدور التركي في لبنان، لعبت فرنسا دوراً بنّاءً ربما بطرح آخر وكذلك الألمان، أيضاً هناك العرض الصيني الذي يمكن وصفه على أنّه العنكبوت الذي يريد أن يمتد في كلّ مناطق شرق المتوسط”.

وأضاف أنّ “الدور الصيني يتمدّد بكلّ شرق البحر المتوسط لغايات عديدة، أوّلها تمدّد رأس المال الصيني ربّما للتحكّم بالأمور السياسية لهذه الدول نتيجة عجزها عن دفع الديون، وذلك ما حصل مع دولة سيرلانكا حيث استولت الصين على موانىء استراتيجية، وذلك ما جرى مع كينيا في ميناء مومباسا، وذلك ما جرى مع باكستان في ميناء غوادار، وقد أصبحت مديونة باكستان نحو 63 مليار دولار، إضافةً إلى دول أخرى مثل لاغوس وزامبيا… فالدور الصيني يشير بمكان ما عبر هذه الديون، إلى اقتناص اللحظة المناسبة، فعندما تعجز هذه الدول عن دفع ديونها، تتدخل الصين إمّا بحجز ممتلكات وموانىء، وإمّا التدخل بالشؤون السيادية للدول”.