انفجار “البرج الشمالي” يحرج الدولة ويؤجج سجال السلاح الفلسطيني

14 ديسمبر 2021
انفجار “البرج الشمالي” يحرج الدولة ويؤجج سجال السلاح الفلسطيني

كتب محمد شقير في” الشرق الاوسط”: يندرج الانفجار الذي هزّ مخيم برج الشمالي للاجئين الفلسطينيين في جنوب لبنان في سياق السؤال عن مصير ما تقرر في مؤتمر الحوار الوطني الأول الذي انعقد في المجلس النيابي بدعوة من رئيسه نبيه بري في نيسان 2006 بجمع السلاح الفلسطيني خارج المخيمات الفلسطينية وتنظيمه بداخلها، والذي بقي حبراً على الورق ولم ينفّذ.
 
وبطبيعة الحال، فإن الانفجار بصرف النظر عن أسبابه وظروفه شكّل إحراجاً للدولة اللبنانية التي لم يتح لها أن تضع يدها على التحقيق لتبيان الأسباب التي كانت وراء حصوله، مع أن ما يميّز مخيم برج الشمالي عن المخيمات الأخرى يكمن في أنه الوحيد المفتوح على البلدات المجاورة له، ولا يخضع الدخول إليه أو الخروج منه لإجراءات أمنية مشددة كغيره من المخيمات، وإن كان الانفجار قد أظهر للمرة الأولى أن «حماس» أسوة بمعظم الفصائل الفلسطينية الأخرى قررت الالتفات لتحصين حضورها السياسي، بأن تؤسس لإقامة بنية عسكرية خاصة بها بعد الزيارة التي قام بها رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية للبنان في أيلول 2020.
 
فإن انفجار برج الشمالي يستحضر مجدداً، كما يقول المرجع السياسي، إدراج ملف السلاح الفلسطيني على جدول أعمال الحكومة الميقاتية كغيره من السلاح الذي كان وراء استحداث دويلة داخل الدولة لا تخضع لسلطة الدولة المركزية؛ خصوصاً أن ما تقرر في الحوار لم يرَ النور فحسب، وإنما أدى إلى تفشّيه، وهذا ما يتبين من خلال القواعد العسكرية التي استحدثتها الجبهة الشعبية – القيادة العامة، غير تلك الأنفاق التي أقامتها سابقاً في بلدة الناعمة الواقعة على مقربة من مطار رفيق الحريري الدولي.
 
فالجبهة الشعبية استحدثت أخيراً قاعدتين عسكريتين، الأولى في بلدة قوسايا البقاعية، والثانية في منطقة تُعرف بالجبيلي تقع بين بلدتي بر إلياس وكفر زبد وعمدت إلى تحصينها بشقها الأنفاق تحت الأرض، مع أنه لا مبرر لوجود هذه القواعد بعد أن تحول السلاح الفلسطيني إلى سلاح يستخدم في الاقتتال الداخلي وأحياناً بتوجيه رسائل سياسية إلى إسرائيل بإطلاقها صواريخ موضوعة خارج الخدمة ولم يعد لها من فاعلية سوى أنها رسائل إقليمية بامتياز تُطلق في معظم الأحيان بالتزامن مع ما يحصل بداخل الأراضي المحتلة، وبالتالي فإن المخيمات تحولت إلى محميات أمنية وسياسية لا سلطة للدولة عليها، مع أنه لم يعد من قضية في قتال إسرائيل لاسترداد الأرض سوى توظيفه لأغراض إقليمية لم يعد في وسع لبنان أن يتحملها.