قرارٌ خليجي.. لن نترك لبنان أسيراً

14 ديسمبر 2021
قرارٌ خليجي.. لن نترك لبنان أسيراً

يسمع من يزور الخارج هذه الأيام كلامًا كثيرًا حول لامبالاة واضحة تجاه ما يجري في لبنان، خصوصًا أن عددًا من المسؤولين العرب يستغربون التناقض الواضح في مواقف الأطراف اللبنانيين، الذين يحاولون بشتى الطرق خنق بلادهم بأيديهم في الوقت الذي لا ينفكّون عن مطالبة الآخرين بمساعدتهم وإخراجهم من أزماتهم المستنسخة والمتناسلة. فالشلل الحكومي الحاصل في خضم كل ما يتخبط به لبنان وأبناؤه من مشاكل لا عدّ لها ولا حصر هو “صناعة لبنانية”، وإن كان البعض يعتقد أن لهذا العمل إيحاءات خارجية معينة، قد يكون لها أهداف تتخطّى الحدود اللبنانية الجغرافية، وتدخل في حسابات إقليمية تتخذ من لبنان قاعدة لها. 

 
ويُدرج هؤلاء المسؤولون المؤتمر الذي عُقد في لبنان مؤخرًا لما يُسمى “المعارضة البحرينية” في خانة تنفيذ “أجندات خارجية” إنطلاقًا من الداخل اللبناني، الذي يعتبره بعض العرب بأنه قد أصبح منصّة تُستخدم لإطلاق المواقف المعادية للبيئة العربية الحاضنة لأكثر من 400 ألف عائلة لبنانية تعمل في المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي. 
 
فزّوار العواصم العربية يسمعون أكثر من نصيحة صادقة تتلخص بضرورة أن يبادر لبنان إلى القيام بواجباته، أولًا تجاه شعبه، وأن ينفذ تاليا تعهداته الإصلاحية تجاه المجتمعين العربي والدولي، وأن يتعظ بعض أبنائه مما يجري حولهم، وأن يسارعوا إلى فك الأسر عن مجلس الوزراء من دون أي شروط مسبقة، لأن من شأن الإستمرار في إتباع سياسة التحدّي والإستفزاز أن يزيد طين الوضع السياسي المأزوم بلّة، خصوصًا أن ثمة كلامًا عربيًا كثيرًا يتردّد، وقد قيل في السابق على لسان الفرنسيين والأوروبيين ، ويطالب اللبنانيين بأن يساعدوا أنفسهم قبل أن يطلبوا مساعدة الآخرين. فما يجري بالنسبة إلى تعطيل أعمال مجلس الوزراء أمر غير مفهوم ويتجاوز منطق الأشياء. فبدلًا من أن يكون هذا المجلس منكّبًا على عمله 24 ساعة على 24 من دون توقف وبلا كلل أو ملل نرى بعضًا من مكوناته يستعملونه وقودًا لتصفية حساباتهم السياسية وخلافاتهم الضيقة في الوقت الذي يشهد الجميع على إحتضار لبنان.  
 
وفي هذا الوقت، وفيما التباينات السياسية بلغت مستويات غير مسبوقة في بيروت يترقب العالم  مفاعيل “قمة الرياض” لتكّريس سياسة خليجية موحدة حيال لبنان، وهذا ما بدا واضحًا من خلال الجولة الشاملة التي قام بها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في كل دول الخليج، ودلت إلى أن لبنان دخل في صلب الإهتمامات الخليجية وصار مدرجًا بندًا رئيسيًا على الأجندة السعودية في الخليج والمنطقة، حيث تعمل الرياض على توحيد الموقف الخليجي حيال لبنان، وعلى قاعدة أن الأزمة هي مع “حزب الله” ودوره وأنشطته “المهددة لأمن المنطقة واستقرارها، فضلًا عن هيمنته على الدولة اللبنانية”. 
 
وهذا الموقف كانت “قمة جدة” بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وبن سلمان قد أرسته قارعة جرس الإنذار والتحذير للبنان حتى لا ينزلق الى أي تصعيد جديد مع الخليج، وداعية الحكومة اللبنانية الى ما هو أبعد وأعمق من إستقالة وزير، الى إجراءات ومواقف تصب في تطبيق القرارات الدولية وسحب السلاح غير الشرعي وحماية الحدود وضبطها وإجراء إصلاحات جذرية. 
 
فجولة بن سلمان الخليجية كانت نسخة مطابقة لـ”بيان جدة” في توجيه الإهتمام الى أصل المشكلة في الأزمة اللبنانية ـ السعودية. وبدا لافتًا حضور لبنان الواضح في هذه الجولة، والتطابق الحاصل في المواقف الخليجية حيال لبنان، وهو ما يُعّد مؤشرا الى رغبة خليجية جديدة حيال الأزمة اللبنانية، والذي سيتكّرس في قمة الرياض اليوم، حيث سيتضمن البيان الختامي الذي سيصدر عن القمة بندًا خاصًا بلبنان.  في المختصر ثمة قرار خليجي بعدم ترك لبنان أسيرًا، تواكبه حركة فرنسية لافتة.