للعودة الى لغة الحوار والابتعاد عن الخطاب التحريضي

14 ديسمبر 2021
للعودة الى لغة الحوار والابتعاد عن الخطاب التحريضي

 أبدى العلامة السيد علي فضل الله في بيان “خشيته من أن تتفاقم الأمور في لبنان لتتحول إلى فوضى قاتلة على المستويات الاقتصادية والنفسية وحتى الأمنية، داعيا “الجميع إلى تحمل مسؤولياتهم وتقديم ما يمكن تقديمه من حلول تخفيفية للناس ووقف الخطاب التحريضي الذي يساهم في تدمير نفسية اللبنانيين أكثر”.

وقال في درس التفسير القرآني  ردا عن سؤال حول تطورات الأوضاع في لبنان وآثارها النفسية والأمنية وخصوصا بعد الارتفاع الجنوني للدولار:”ربما أصبح الجميع على قناعة بأن الحلول الكبيرة في لبنان ستبقى في دائرة الانتظار إلى أن تنجلي بعض المحطات في المنطقة، ولا سيما ما يتصل منها بالملف النووي الإيراني، والعلاقات بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والدول الخليجية بما قد ينعكس إيجابا أو سلبا على لبنان بحسب التقدم الذي قد يحصل أو التراجع في هذه الملفات، ولكننا نرى أن هذه القناعة لا تنعكس على أداء المسؤولين والقوى السياسية في لبنان بما يدفعها للسير بالأمور نحو تخفيف الوطأة عن الناس ويعيد بعض التوازن على مستوى الأداء والخطاب”.

اضاف:” إننا نستغرب كل هذا الانجراف في الخطاب الانفعالي أو التهديدي المتبادل إلى المستوى الذي قد يتصور فيه اللبنانيون أننا أمام قطيعة أبدية وأن التعايش بين هذه المكونات بات مستحيلا ، مع أننا نعرف أن الصورة سريعا ما تتبدل كما تبدلت في ظروف مماثلة لمجرد أن تغيرت بعض الأوضاع في المحيط، ونستغرب أكثر أن من يديرون الأمور ينجرفون في الخطاب إلى المستوى الذي يطاول مستقبلهم السياسي إلا إذا كانوا يراهنون على أن الذين يستمعون إليهم ينسون مفرداتهم وتعابيرهم القاسية في قادم الأيام”.وتابع:”ونحن نرى أنه حتى بعض المواقع الإقليمية أو الدولية التي ترعى الانقسام اللبناني أو تريد له أن يمتد أكثر قد لا تريد من المتخاصمين أن يصلوا إلى هذه الطريقة من الخطاب، حيث نرفع الأسقف بعضنا ضد بعض بطريقة هستيرية مخيفة تنعكس على القواعد الشعبية بشكل مخيف وخطير، وحتى محطة الانتخابات التي يراد لها أن تكون منطلقا والتي تمثل النقطة الوحيدة التي تتفق الأطراف في خطابها على تأكيد حصولها في وقتها، باتت تثير الكثير من علامات الاستفهام والتساؤلات المشروعة، فكيف سنصل إليها وسط كل هذا التعقيد وهذا التعطيل وكيف ستحصل في ظل هذه المواقف التي توحي بالصدام والانتقام ولا تقدم أنموذجا يفتح الأمل على تنافسية ديمقراطية في بيئة متوازنة نسبيا”.

 وقال:”لذلك فإننا نناشد مجددا من هم في المواقع السياسية أن يتحملوا المسؤولية في خطابهم، وفي كل ما يصدر عنهم من مواقف، لأننا نتحدث عن بلد ينهار وتتصاعد فيه أرقام الدولار الذي يأكل كل شيء وينعكس على البيئة الاجتماعية للناس التي تتهاوى وتتصدع، ويعيش الناس وسط دمار نفسي ينعكس على حياتهم كلها ووسائل عيشهم وعلاقاتهم وتواصلهم مع بعضهم، ولكن من هم في المواقع الأساسية لا ينظرون إلى ما يجري إلا من زاوية مصالحهم أو من نافذة الانتخابات التي قد نصل إليها بشعب جائع ومدمر نفسيا واجتماعيا وقد تتطور الأمور أكثر فيما يحدث من عنف فردي وسرقات وهروب إلى عالم المخدرات أو إلى الهجرة، أو إلى ما يتحدث عنه البعض من أعمال عنف أوسع وربما اغتيالات وفوضى أمنية.
لقد قلناها، وسنصر أكثر على ما قلناه، بأن اللبنانيين محكومون بالحوار وبالتفاهم، حتى لو كان تفاهما على الحد الأدنى الذي يعطي الناس شيئا من الأمل على أبواب الأعياد بعدما التهم الدولار مدخراتهم فباتت حتى هذه المناسبات لا توحي إليهم بالفرح”. وختم قائلا:” لذلك ليس أمامنا إلا الدعوة المتكررة للحوار وللخطاب الهادئ غير المتوتر من السياسيين والإعلاميين، لنوحي للناس بشيء من الأمل بدلا من التشنج والتوتر الذي يفاقم آلامهم ويراكم مآسيهم”