نعيش في معظم الأحيان تناقضا بين واقع نمط حياتنا ومضمون قوانين الأحوال الشخصية

14 ديسمبر 2021
نعيش في معظم الأحيان تناقضا بين واقع نمط حياتنا ومضمون قوانين الأحوال الشخصية

 شاركت رئيسة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية كلودين عون في طاولة مستديرة نظمتها “مؤسسة أديان” لمناقشة الإصلاحات الممكنة لقوانين الأحوال الشخصية الدينية في لبنان، بوصفها جزءا من مشروع “النساء والأديان وحقوق الإنسان في لبنان” الذي تنفذه بالشراكة مع “منظمة دانميشون” وبدعم من وزارة الخارجية الدنماركية.

  
عون
افتتح اللقاء بكلمة لرئيسة الهيئة قالت فيها: “ننطلق اليوم في حوارنا من ثوابت تتمثل بالإعتراف بأن العنصر البشري واحد، على الرغم  من تنوعه بين الأعراق والمجموعات وبالإعتراف بأن القيم البشرية الأساسية هي واحدة. بهاتين القاعدتين نادت الأديان السماوية ومنها إنطلقت الرغبة في تدوين شرعة لحقوق الإنسان بغية حماية الفرد رجل كان أو أنثى من التعسف الذي قد تمارسه عليه أي جهة لها القدرة على التسلط على كينونته كإنسان”.
 
ولفتت الى ان “شرائع حقوق الإنسان التي كان آخرها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي تبنته الغالبية العظمى من الدول الأعضاء في الجمعية العامة للأمم المتحدة في العام 1948، أتت كردة فعل لممارسات ظالمة إمتدت على مر العصور، مستندة إلى قوانين غير عادلة وسياسات تسلطية. وقد تلاقت شرائع حقوق الإنسان مع دعوات الأديان إلى مناهضة الظلم وإحقاق العدل بين البشر. ونذكر هنا أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان أتى عقب المآسي التي خلفتها الحرب العالمية الثانية، وعقب أعمال الإبادة الواسعة التي تم إرتكابها خلالها”، معتبرة أن “هذا الإعلان شكل بحد ذاته خطوة هامة على طريق التقدم نحو الحضارة الإنسانية الجامعة التي تتطلع إليها الإنسانية، إنما ظل بحاجة إلى إصدار تشريعات وطنية لتطبيق مبادئه”.
 
واوضحت عون ان “دستورنا في لبنان يلتزم الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ومع ذلك لا تزال العديد من القوانين ومن الممارسات المعمول بها تطبيقيا غير متناسقة مع مبادئه. ومن أبرز المجالات التي يتغاضى فيها المشرع في لبنان عن تطبيق مبادئ حقوق الإنسان، مجال حقوق المرأة في نقل جنسيتها إلى أطفالها أيا كانت جنسية والدهم، وحق المرأة بحماية كاملة من العنف الذي قد تتعرض له لكونها إمرأة وحقوقها داخل الأسرة”.
 
أضافت: “عندما نتكلم عن المشرع في ما يختص بالنظام المعمول به في لبنان، نعني النواب في المجلس النيابي ممثلي السلطة التشريعية، كما نعني القيمين على أنظمة الاحوال الشخصية التي تختلف بين طائفة دينية وأخرى. في الحالتين، تلاحظ نزعة لدى المشرعين عندما يكون الموضوع متعلقا بقضايا المرأة إلى الإستمرار في العمل بما كان مطبقا في الماضي، من غير النظر إلى التغييرات الحاصلة في النمط المعيشي بفعل تغير العوامل الإقتصادية والإجتماعية بصورة شبه كلية”.
 
 
وتابعت: “نعيش اليوم في لبنان أزمة متعددة الأوجه، سياسية وإقتصادية ونقدية، ونغفل أن هذه الازمة هي أيضا أزمة فكرية وحضارية، إذ أننا نعيش في معظم الأحيان تناقضا بين واقع نمط حياتنا ومضمون القوانين المطبقة علينا بين ما نتطلع إليه وعدم إعتماد السبل الكفيلة بتحقيقه. وهذا التناقض هو أحد أسباب الإحباط الذي يشعر وتشعر به شبابنا وشاباتنا وهو سبب، لا يقل أهمية عن الأسباب الإقتصادية في دفعهم إلى الهجرة. حاليا، تتكاثر الأصوات المطالبة بالإصلاح على صعيد الإقتصاد وعلى صعيد السياسية. الواقع هو أن الإصلاح ينبغي أن يتم أيضا على صعيد الأحوال الشخصية التي لا تزال القواعد المعمول بها تتسبب بدرجات متفاوتة بمظالم كبيرة تعاني منها النساء كفتيات وزوجات وأمهات. فالأديان السماوية كانت في تاريخ التطور البشري، الاولى التي سعت إلى مناهضة الظلم، ومنها انبثق، بعد قرون من الزمن، مفهوم حقوق الإنسان. لذا ينبغي أن تبقى الأديان رائدة في حماية الحقوق الإنسانية للرجال كما للنساء تجاه كل ظالم أو مستبد. كما ينبغي أن تتم إزالة الأحكام المميزة ضد النساء والمعوقة لوصولهن إلى العدالة، من القوانين والممارسات المستوحاة منها، في تنظيم العلاقات الأسرية وشروط الزواج ومفاعيله”.