صلوات الميلاد انطلقت…. ولبنان مرفوع على كل المذابح

16 ديسمبر 2021
صلوات الميلاد انطلقت…. ولبنان مرفوع على كل المذابح

لم يبق أي شيء في هذا البلد يتمسك به المواطن سوى ايمانه وربه وصلواته، فحلقات الأمل التي وعد بها أبناء هذا الواطن طارت وتفككت أمام هول الأزمات ورياح النكبات المتتالية التي جمعت اللبنانيين ولم تفرق بينهم لا مناطقيا ولا حزبيا ولا طائفيا.

لكن، ليست وحدها الأزمات والمصائب هي من تجمع اللبنانيين، ففي ضمائرهم ونفوسهم ايمان راسخ وأكيد بهذه الأرض التي أتعبتها همومهم واغرقتها دموعهم.وقد يكون هذا الايمان هو الفعل الحيّ الوحيد في هذه المرحلة الذي يدفع نحو الصمود والاستمرارية والتحمّل، وهنا تظهر معادلة “العيش معا” التي تنطلق في أساسها من مفهوم الشراكة والمحبة والأخوة ومختلف التعاليم والمفاهيم التي نادت بها الديانات السماوية.قد يظن البعض أو قد يعمل البعض على تظهير التعددية الطائفية في لبنان على أنها نقمة وسبب أساسي أدى الى ما آلت اليه الأوضاع، وهنا بحث آخر متعلق بالأداء لا بالجوهر، فما يهمنا من هذه التعددية أنها حققت الفرادة لوطننا وجعلتنا ندرك الاعياد وأهميتها، بالأحرى جعلتنا نعلم كيف نفرح مع الآخر المختلف وكيف نعيش تفاصيل أجواء مناسباته الفرحة.

ونتحدث عن الفرح لأنه أمسى حاجة أساسية لمجتمعنا الذي يغرق بسواده وسلبياته، لذلك نتطلع نحو الاعياد حتى لو جاءت في زمن العوز والجوع وسوء الحال، الى انها سبب يدفع نحو الأمل والتفاؤل ومحطة للتفكير بالأحوال الوطنية ومحاولة خرق جدار التعطيل والدوران في الحلقة المفرغة.وعيد الميلاد، الذي يعرفه اللبنانيون عن كسب والذي تتحضر له مختلف المناطق والمنازل بفرح وشوق سنة بعد سنة، أصبحت أيام بلوغه قليلة، ففي الأمس ووفقا لتقليد الكنيسة المارونية انطلقت صلوات الميلاد التي تعرف بـ “تساعية الميلاد” وهي صلوات تحضيرية تبدأ قبل تسعة أيام من يوم عيد الميلاد، تسعى الكنيسة من خلالها الى تحضير النفوس لمعرفة أهمية هذا الحدث في بعديه الايماني والتاريخي.واللافت انه مع انطلاقة هذه الصلوات، حلّ هذه السنة لبنان ضيفا أساسيا على مختلف مذابح الأبرشيات المارونية من طرابلس الى صور مرورا ببيروت والنيابة البطريركية في صربا وزغرتا وبشري وصولا الى بعلبك وصيدا وصور، كما مختلف القرى والبلدات التي أضاءت شموع الخلاص راجية الأمل في هذا الزمن الرديء.

في هذا الاطار يقول مرجع كنسي لـ”لبنان 24″: “يظن البعض ان رفع الصلوات من أجل لبنان على مذابح الكنيسة المارونية أمر طبيعي اذ ان بينهما وحدة حال ومسار ومصير، وهذا الكلام دقيق وصحيح، لكن المفارقة أن الكنيسة المارونية لهذه السنة أسقطت كل هم آخر وحملت قضية الوجود والكيان ووضعتهما لحنا وبخورا محاولة القول “ليس بالخبز وحده يحيا الانسان”، وهنا اشارة الى  انه وعلى الرغم من أهمية المواضيع الاجتماعية وتلبية الحاجات الأولية للمواطنين والأبناء، يبقى هم الهوية والوجود والكيان أولوية لا يمكن غض النظر عنها”.ويضيف ” لطالما كان لبنان شاغلا بالنا وبال كل المؤمنين بنهائية هذا البلد، ولا يخفى على أحد ان اهتمامات الكنيسة المارونية في هذه الفترة تتلاءم وتتوافق بشكل كليّ مع توجهات الفاتيكان وحرصه على محاولة خلق ايجابية معينة في الشأن اللبناني الداخلي.فهواجس الفاتيكان  هي نفسها الهواجس التي نعيشها نحن اليوم، وعندما نقول هواجس الوجود لا نعني فقط الوجود المسيحي في لبنان انما نقصد وجود البلد بصورته وهويته التي جعلته فريدا ومميزا وقادرا ان يسطع ويلمع ان توفق بطبقة حاكمة تحتكم لضميرها ووطنها وشعبها”.ويختم المرجع مؤكدا ان ” جوهر الايمان يدفعنا دائما لمدّ اليد الى الآخرين، ونحن اليوم في امس الحاجة الى ان نمد ايدينا جميعا باتجاه بعضنا البعض فسفينتنا ان غرقت سنغرق معها جميعا، لا بل سيغرق معها هذا الشرق المعذب والمتألم والمنتطر لحظة فرح تذكره بأنه مهدا للأديان والحضارات ومعالم الانسانية جمعا”.