بعد سقوط “إتفاق معراب” و”التسوية الرئاسية”… هل يصمد “تفاهم مار مخايل”؟

19 ديسمبر 2021
بعد سقوط “إتفاق معراب” و”التسوية الرئاسية”… هل يصمد “تفاهم مار مخايل”؟

عندما قلنا منذ ما قبل إنتخاب العماد ميشال عون رئيسًا للجمهورية إن التحالفات والإتفاقات الثنائية لا تبني بلدًا قامت قيامة البعض ولم تقعد.  
صعد “الجنرال” إلى بعبدا وعلى كتفيه ثلاثة إتفاقات أو تفاهمات أو تسويات مع أطراف متناقضة سياسيًا وتوجّها وأهدافًا. الأول مع “حزب الله”، وهو ما يُعرف بتفاهم “مار مخايل”، والثاني مع “القوات اللبنانية” وكان يُعرف بإتفاق “معراب”، والثالث مع الرئيس سعد الحريري، الذي دخل معه بتسوية رئاسية معروفة أسبابها وأهدافها. 

الإتفاق مع “القوات” سقط عند أول إمتحان، ويقول البعض إنه لم يعد صالحًا بمجرد وصول “الجنرال” إلى سدّة الرئاسة. ومنذ ذلك التاريخ عادت العلاقة بين “بعبدا” و”معراب” إلى توتّرها تمامًا كما كانت العلاقة بين “معراب” و”الرابية”، بل أسوأ في نظر المتشدّدين في “التيار الوطني الحر”. 
أمّا التسوية الرئاسية بين الرئيسين عون والحريري، وفيها الكثير من بصمات رئيس “التيار” النائب جبران باسيل، فأنهارت بمجرد أن تضاربت المصالح السياسية والشخصية بين الحريري وباسيل، حتى وصلت إلى حدود إتهام الأول الثاني بأنه “الرئيس الفعلي”، وبأنه السبب الأول والمباشر لفشل “العهد القوي”. 
أمّا بالنسبة إلى التفاهم بين “التيار الوطني الحر” و”حزب الله” أو ما يُعرف بورقة تفاهم “مار مخايل” فقد مرّ خلال السنوات الخمس الأولى من العهد بطلعات ونزلات، وكان التفاهم بين “بعبدا” و”حارة حريك” يتمّ وفق ما تمليه مصالح الطرفين أو وفق ما يُعرف بـ”غبّ الطلب”، إذ كانت العلاقة بينهما محكومة بسقوف لم تؤدِ الخلافات بينهما إلى حدود القطيعة، بل كان يعتريها فتور متبادل، من دون أن تخلو المقامات من إنتقادات مباشرة كانت ترد مرّات على لسان النائب باسيل مباشرة، ومرّات على لسان نواب من “التيار”، ومن بينهم النائب زياد اسود، الذي كانت له مواقف حادّة تجاه ممارسات الحزب، وآخر هذه المواقف ما أدلى به بالأمس النائب اسعد درغام، الذي قال: “تحالفنا مع “حزب الله”  هو بهدف حماية لبنان والسلم الأهلي، ولكن نختلف في الملفات الداخلية. نحن على أبواب سقوط البلد وفوضى أمنية، فماذا تنفع التحالفات عندها؟ يجب أن ندرك أن البلد أهم من المواقع النيابيّة”. 
  
وأضاف: “وصلنا الى مرحلة الخراب والبلد راح ولا هدف لدى “حزب الله”  سوى حماية بيئته ومؤسساته في حين أن مؤسسات الدولة تنهار. نقول هذه الكلام من باب الحرص على “حزب الله”. 
وعلى رغم هذه المواقف المتشنجة لم يسقط “تفاهم مار مخايل”، لكنه في الوقت ذاته لم يعد يصلح لعلاقة طويلة الأمد، خصوصًا أن ثمة كلامًا عالي السقف يقوله “العونيون” داخل الجدران الأربعة وفي اللقاءات الحزبية المغلقة، ومفاده أن من بين أسباب فشل عهد الرئيس عون هو أن “حزب الله” لم “يحلب” صافيًا في دعمه للموقع الرئاسي مقابل ما قدّمه رئيس الجمهورية من شرعية رسمية للمقاومة وذلك من أعلى منبر أممي. 
أمّا اليوم، وقد وصلت الأمور إلى ما وصلت إليه بالنسبة إلى رفض “حزب الله” السماح لمجلس الوزراء العودة إلى دورته الإنتاجية ما لم “يُقبع” القاضي طارق البيطار، فإن الرئيس عون ومعه النائب باسيل وجمهور “التيار الوطني الحر” يقفون موقفًا مغايرًا، بحيث يمكن إعتباره موقفًا مفصليًا في السنة الأخيرة من العهد، وهذا ما يذكرّ بمقولة “المعادلة الخشبية”، التي أنهت العلاقة بين الرئيس ميشال سليمان و”حزب الله”.