ايام قليلة تفصلنا عن نهاية العام 2021. ومن الطبيعي ان يستعرض المواطنون في دول العالم عشية العام 2022 ما حققته حكوماتهم على الصعد الاجتماعية والاقتصادية والمالية.
يحق للأمارات العربية أن تتحدث عن انجازاتها الاقتصادية والعمرانية، كذلك يحق لمصر أن يفند رئيسها الانجازات في التنمية والبنية التحتية والطاقة، الامر ايضا ينطبق على قطر التي تجازوت تبعات الحصار عليها الى العمل على تحقيق الاكتفاء الذاتي والتنويع الاقتصادي والمحافظة على ترتيبها الائتماني المرتفع لدى المؤسسات الائتمانية العالمية، لتنجح السعودية في اطلاق برنامج “رؤية المملكة 2030 “والهدف منه تحقيق الإستقرار المالي على المستوى الإقتصادي والإجتماعي.
لكن ماذا عن لبنان، وعن اي انجازات سيتحدث شعبه؟
هل سيتحدث عن تعطيل حكومة في اول مسيرتها رغم كل مساعي رئيسها لاعادة لم شملها لانقاذ ما يمكن انقاذه ووضع البلد على سكة التعافي؟
هل سيتحدث عن الوضع الاجتماعي الكارثي ام عن البنية التحتية المهترئة والمتصدعة او عن العتمة التي عمت مختلف المناطق اللبنانية من جراء الصراعات السياسية على صفقات الفيول والبواخر.. ومافيات الموترات و الصرافة والمحتكرين للادوية والمواد الغذائية والمحروقات؟
ما تقدم غيض من فيض الوجع اللبناني على وقع الجوع والفقر وفقدان الامن والامان فيما القوى السياسية في كوكب آخر، تواصل حروبها السياسية العبثية وعلى مواقع التواصل الاجتماعي مستخدمة فيها كل الأسلحة الفتاكة .فهذه القوى التي تقامر بأرواح مناصريها قبل غيرهم عند تضارب مصالحها، تتحالف في ما بينهما كلما استدعت مصالحها كما حصل في انتخابات الكازينو في الأيام الماضية.
ظن كثيرون أن الأكثرية الحاكمة والمتحكمة بالمجلس النيابي الحالي بعد انتخابات العام 2018 ستنقذ البلد من الفساد ومن السقوط الحتمي، بيد أن الواقع ثبت العكس. أطراف تسوية العام 2016 والتي استمرت حتى العام 2019 انهكوا البلد عندما كانوا متفقين عندما اختلفوا، لينتهي الامر باستقالة الرئيس سعد الحريري استجابة لحراك 17 تشرين الاول. ليبدأ منذ ذلك الحين العد العكسي للمضاربات والكيديات السياسية التي ادخلت البلد في نفق مظلم. فحكومة الرئيس حسان دياب التي تشكلت من لون واحد، اطاح بها تقاطع مصالح لينتهي الامر باستقالة الرئيس دياب بعد انفجار مرفأ بيروت ودخول البلد مرحلة تصريف اعمال امتدت اشهرا الى حين نجاح حزب الله والفرنسيين في اقناع رئيس الجمهورية بعدم عرقلة تكليف الرئيس سعد الحريري في شهر تشرين الاول العام 2020 والذي اعتذر عن عدم التأليف بعد 266 يوماً على تسميته، ومرد ذلك وفق جهات سياسية محسوبة على فريق 8 آذار قبل سواها من خصوم العهد ، أن رئيس الجمهورية نجح يومذاك ومعه رئيس التيار الوطني الحر في منع تأليف حكومة برئاسة الحريري.
مشهد التعطيل اليوم لا يختلف عن السابق وان اختلف فرقاء التعطيل. فحكومة الرئيس نجيب ميقاتي التي تألفت بدعم دولي وغربي وعربي لا تجتمع. المعطل اليوم هو ثنائي حزب الله وحركة امل. فهما يربطان حضور وزرائهم جلسات مجلس الوزراء بكف يد المحقق العدلي طارق البيطار. كل ذلك يأتي مع حرب التعيينات والتشكيلات التي ترخي بظلالها أيضا ولو بعيدا عن الاضواء على خلاف الثنائي الشيعي والتيار الوطني الحر.
أمام كل ذلك، يؤكد حزب الله أنه سيخوض الانتخابات النيابية المقبلة بتحالفات واضحة ركيزتها حلفاؤه من القوى السياسية الحالية، ومجموعات المجتمع المدني الحليفة وكذلك الشخصيات التي لها حضورها الشعبي، من اجل المحافظة على الاكثرية في البرلمان.
مصدر سياسي محايد يسأل عن أي اكثرية يتحدث حزب الله، عن أكثرية عطلت البلد وحكوماته منذ العام 2018 حتى اليوم، وها هي اليوم تمعن بالتعطيل رغم اقتراب لبنان من الارتطام الكبير؟ ويقول المصدر نفسه لـ”لبنان24”: الكتل المنطوية تحت شعار “الاكثرية” منقسمة. العلاقة متأزمة بينها( خلاف التيار الوطني الحر – تيار المرده، خلاف امل – التيار الوطني الحر، العلاقة الباردة جدا بين الحزب السوري القومي الاجتماعي والتيار الوطني الحر ناهيك عن نواب اللقاء التشاوري الذين غالبا ما يتقاطعون مع موقف رئيس المجلس النيابي على حساب باسيل) وبالتالي هل يمكن التعويل على هذه الاكثرية مجددا؟
ويعتبر المصدر ان حروب حلفاء حزب الله لا تنتهي. كل مكون يغرد خارج السرب بحثا عن مكتساباته ومصالحه من دون ان ينجح حزب الله في ضبط ايقاع هذه الاكثرية وعدم تجاوز خطوط التماس المسموح بها. وها هو اليوم دخل حلبة المواجهة بين الاخضر والبرتقالي مدافعا شرسا عن الاول الذي يتهمه الثاني بحماية المتورطين بالازمة المالية وتغطية حاكم مصرف لبنان.
ما يهم حزب الله اليوم كسر ما يسميه المخطط الاميركي السعودي لتغيير السلطة في البلد، ولهذا فإنه عندما يتقين ان الانتخابات حاصلة لا محالة فإنه لن يترك وسيلة لاعادة احياء التفاهمات بين حلفائه، وتفادي ارتكاب الاخطاء التي حصلت في استحقاق العام 2018 ، تقول مصادره لـ”لبنان 24″. وهذا يعني وفق المصدر السياسي المحايد ان الحزب على استعداد لغض النظر عن حلفائه في مسائل يعتبرها ثانوية حماية لحساباته التي يعتبرها استراتيجية، ولذلك فإن الاكثرية لن تخوض الانتخابات اذا لم تكن ضامنة لبقائها اكثرية، علما انها ليست سوى أكثرية تعطيل قد تنهي ما بقي من بلد اذا استمرت في اخطائها، خاصة وان بعض مكونات هذه الاكثرية لديها حسابات تتصل بتغيير اتفاق الطائف.