فقدان النصاب يعفي المجلس الدستوري من القرار

21 ديسمبر 2021
فقدان النصاب يعفي المجلس الدستوري من القرار

كتب نقولا ناصيف في” الاخبار”: ليس في قانون انشاء المجلس الدستوري، في كلتا المادتين 20 و21 اللتين تحددان آلية وضع اليد على مراجعة ابطال قانون والمدد التي يستغرقها اعداد التقرير المتعلق به وصولاً الى موعد صدور القرار والنصاب الملزم له، ما يفسّر مغزى عدم صدور قراره وإن هو يتحدث عنه. في الفقرة الاخيرة من المادة 21، ان في حال عدم صدور القرار ضمن المهلة المحددة «يعتبر النص موضوع المراجعة مقبولاً». لا تورد المادة 21 تبريراً لعدم صدور قرار في قانون مطعون فيه، والمفترض انه غير دستوري فأضحى اذذاك دستورياً، ولا الاسباب التي من شأنها ان لا يصدر. الا ان المادة 11 في القانون نفسه، تلحظ نصابي انعقاد المجلس المؤلف من عشرة اعضاء وطريقة اتخاذه قراراته: ثمانية اعضاء على الاقل كي يلتئم اصولاً، وتصويت سبعة اعضاء على الاقل توطئة لصدور القرار. ذلك ما تورده ايضاً المادة 37 من قانون النظام الداخلي للمجلس الدستوري بالقول «اذا لم يصدر القرار ضمن المهلة القانونية يكون النص ساري المفعول، وينظم محضر بالوقائع، ويبلغ رئيس المجلس الى المراجع المختصة عدم توصل المجلس الى قرار».

ما لم يسع الاجتهاد القانوني فعله، أنجده الاجتهاد السياسي في ايجاد اسباب عدم صدور قرار عن المجلس الدستوري، عبر «تغييب» – لا تغيّب بعذر – للاعضاء الثلاثة الذين يكفلون نصاب اتخاذ القرارات، على نحو مماثل لما كان حدث عام 2013. المتغيّبون – لا الغائبون – يفضّلون التعبير عن رفضهم تقرير المقرّر بالانقطاع عن جلسات المذاكرة، عوض التزام المادة 12 في قانون انشاء المجلس القائلة ان للعضو المخالف تدوين مخالفته وتوقيعها واعتبارها جزءاً لا يتجزأ من القرار. بيد ان المقصود ليس مخالفة القرار، بل الحؤول دون اتخاذه. وهو الدور الذي يضطلع به آباء المجلس الدستوري.مذذاك نشأت تلك السابقة، وأضحت نموذجاً يدرج لاحقاً في كل مرة اختلف الافرقاء المعنيون بالقانون المطعون فيه، سواء كانوا معارضين له او مؤيدين، الى ان يتوصلوا الى تسويات من خارج المجلس الدستوري، فلا يعود اليه اذذاك الا تبرير عدم صدور قراره.

حتى مساء امس، عشية صدور القرار المتوقع اليوم، لم يكن قد سُرّب تماماً بعد المنحى الذي سيتخذه قرار المجلس الدستوري حيال القانون المطعون فيه، إبطالاً او قبولاً. بيد ان كمّاً واسعاً من التكهنات استبقته بالحديث عن تسويات سياسية جانبية تفضي حكماً الى اصدار المجلس الدستوري قراراً يطابق التسوية تلك ويشرّعها.في ذروة السجال المرافق للمهمة الحالية للمجلس الدستوري، سارع الافرقاء المعنيون الى وضع اسلحتهم على طاولته: واضعو مراجعة الابطال هددوا بتغييب الاعضاء المسيحيين في المجلس الدستوري اذ بدا قراره ردّ المراجعة، ومعارضو المراجعة هددوا بدورهم بتكرار سابقة 2013 – مع احتمال توسيع نطاق التغييب بانضمام اعضاء سنّة – في حال ابطل المجلس الدستوري القانون استناداً الى تفسيره لنصاب الاكثرية المطلقة في مجلس النواب، المختلف عليها الى الآن.مكمن التقاطع الوحيد بين الفريقين، الطاعن كما الرافض للطعن في آن، توجسهما من المقاربة المحتملة للمجلس الدستوري حيال تصويت الانتشار. كلاهما، الاكثر حماسة لاشهر خلت لاقتراع الانتشار للمقاعد الوطنية الـ128، انقلبا عليه وغدا اقرب الى تفضيل الاقتراع للنواب القاريين الستة.