مسار المجلس الدستوري يفتح باب الاجتهاد والسجال

22 ديسمبر 2021
مسار المجلس الدستوري يفتح باب الاجتهاد والسجال

كتبت هيام قصيفي” في ” الاخبار”: مشكلة مقدمي الطعن كما خصومهم أنهم رفعوا سقف التوقعات، حتى حوّلوا موعد اتخاذ المجلس الدستوري قراره على أنه حدّ فاصل بين زمنين. لذا كانت انتكاسة التيار الوطني جراء قرار المجلس كبيرة وموجعة. علماً أنه، بتقديمه الطعن، اتخذ طريقاً دستورياً في واحدة من المرات النادرة التي لا يسلك فيها مسلك التعطيل، خصوصاً في ضوء ما يجري حالياً من تعطيل لمجلس الوزراء. لجأ التيار إلى المجلس للطعن، لكنه ظلّل موقفه السياسي مثلاً من قضية اقتراع المغتربين، بالقانون والدستور، من دون اعتبار لآليات الدستور وحيثياته، ورفع سقف حقوق غير المقيمين في ست قارات فقط، فبدت وكأنها الحق الذي يراد به باطل. فصار اقتراع المغتربين خشبة خلاص لمعارضيه، فيما سيكون سبب سقوط التيار وحلفائه في الانتخابات. ليست انتكاسة بسيطة إبقاء اقتراع المغتربين من ضمن البنود الأخرى التي لم يتخذ المجلس قرار الطعن بها. وهذه الانتكاسة ستؤدي إلى رد فعل لدى باسيل، ستترجم في السياسة تباعاً، بعدما تكاثرت عليه الضغوط والانتكاسات في المراحل الأخيرة، وكان يعوّل عليه لالتقاط بعض أنفاسه، خصوصاً في ضوء ردود الفعل التي حمّلته جزءاً من بنود الصفقة التي لم يكن ليقبل بها نظراً إلى حجم ارتدادها عليه في الشارع المسيحي. ومؤتمره الصحافي أول الغيث في ردود فعل قد تجنح نحو الحدّة مع حلفائه.

النقطة الثانية هي موعد إجراء الانتخابات. لا يحق للمجلس النيابي تحديد موعد الانتخابات، وإذا كان الاتفاق جرى على اعتماد صيغة توصية مجلس النواب بتحديد تاريخ 27 آذار، فإن قرار اعتماد موعد الانتخابات عاد إلى مساره الطبيعي. فالتاريخ تحدده السلطة الإجرائية، أي بتنسيق بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة عبر وزير الداخلية. وسبق لرئيس الجمهورية أن أكد أنه لن يقبل بموعد آذار، مصراً على إجراء الانتخابات في أيار. وقد تكون تلك محاولة تسوية لإرضاء عون الذي لن يوقع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة إلا على هذا الأساس، ومن المحتمل أن يغضّ الأطراف الآخرون النظر، بعدما وصلهم حقهم في تصويت المغتربين وحق تفسير الدستور. إذا كان قرار إجراء الانتخابات نافذاً، بحسب ما سمعه جميع المسؤولين من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش.النقطة الأخيرة، لم يصل المجلس الدستوري إلى خلاصة نهائية في ما يتعلق بتفسير الدستور، يبنى عليها لاحقاً عند تكرار الحالة التي طعن فيها التيار راهناً. المشكلة أن «اللاقرار» سيؤسس لتكريس السابقة غير اليتيمة. فرئيس المجلس النيابي حصل بما وصل إليه المجلس الدستوري على حصر تفسير الدستور برئاسة المجلس أياً كان الجالس على كرسيها. والمجلس الدستوري بقراره هذا سحب من نفسه هذه الصلاحية. وهذا الأمر يصرّ بري دوماً على تكريسه. وسبق أن حصل سجال علني بين عون وبري حول هذه النقطة، عندما دعا الأول المجلس الدستوري إلى تفسير الدستور وليس فقط مراقبة دستورية القوانين، فرد الثاني بأن صلاحية المجلس مراقبة القوانين، أما تفسير الدستور فمن صلاحية مجلس النواب من دون سواه.وهذا الشق من مسار المجلس الدستوري سيفتح الباب أمام اجتهادات كثيرة من الآن وصاعداً في تفسير النصاب، وفي عدم قبول أطراف معترضة بتفسير رئاسة المجلس واللجوء إلى المجلس الدستوري للطعن، لعلها تجد أصواتاً دستورية تقبل ما لم يقبله أعضاء المجلس الحالي.