غادرنا ” مفطور القلب” من الأوضاع المزرية التي يمرّ بها شعب لبنان على كل الصعد، هذا الشعب الذي يعاني الأمرّين، وبما أن الشيء بالشيء يُذكر، فالأمرّين لمَن لا يعلم، هما الفقر والمرض أو الشرّ والأمر العظيم، وبالتالي صدق بما قاله صديقنا أنطونيو فنحن نعاني من أكثر من أمرّين.
ومع breakheart عميق الأثر، أنهى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس زيارة الأيام الثلاثة للبنان، زيارة كانت حافلة باللقاءات الرسمية والمحطات الرمزية في مواقيتها وأهدافها.
الأمين العام كان قد وجهّ قبيل الزيارة بأيام، عبر رسالة مصورة على حسابه على التويتر، رسالة حملت عبارة ” the UN stands with you”، موجهة الى الشعب اللبناني، و ترجمتها الأمم المتحدة تقف الى جانبكم.
هذا كان قبل الزيارة، أما بعدها ف” الحكي مش متل الشوفة”، هذه الشوفة التي دفعت غوتيريس الى القول في إحدى تصريحاته الرسمية ” لا يملك سياسيو لبنان الحق بمعاقبة الشعب عبر استمرار خلافاتهم، فهذا الشعب يتميز بخصال السخاء وسعة الحيلة وكرم الضيافة، والكلام دائماً له، خصال لمسها شخصياً خلال زياراته العديدة الى بلاد الأرز.
حتى النوستالجيا التاريخية كانت مرافقة لصيقة لخطوات الضيف الكريم، وقد تجّلت بإشارته الى أن لشبونة عاصمة بلده البرتغال هي صنيعة أيدي أجدادنا الفينيقيين، وأن” الحضارة الفينيقية لها تأثير في بلادنا وفي كل أنحاء العالم” على حد تعبيره.
التوقيت الأكثر تعبيراً ضمن برنامج الزيارة كان لدى دخول غوتيرتيس الى السراي الكبير وسط جو عاصف وماطر وتحت مظلة شبّهها البعض بمظلة أممية تقي لبنان شر العواصف العاتية، توقيت تبعه ثناء إعجاب بما تقوم به الحكومة في ما يتعلق بالتحضيرات الدائمة لمتابعة المفاوضات مع صندوق النقد الدولي.
أما اللحظة الأكثر تأثيراً فكانت عند وضع إكليل من الزهر على النصب التذكاري لضحايا إنفجار مرفأ بيروت داخل حرم المرفأ، حيث حُفرت أسماء ٢٢٠ ضحية من بينهم طفلان لموظفين في مقر مكتب الأمم المتحدة في بيروت هما من أصغر الضحايا سناً.
غادرنا غوتيريتس على أمل العودة لتفقّد أحوال أحفاد الفينيقيين وهو حفيد منهم بعد أن إطمئن الى أننا لا نزال في وضع البقاء على قيد الحياة…فالى اللقاء.