زيارة غوتيريش معنوية.. والكلمة الفصل في الترسيم لواشنطن

22 ديسمبر 2021
زيارة غوتيريش معنوية.. والكلمة الفصل في الترسيم لواشنطن

في خضم التخبط السياسي الذي يهدد برفع منسوب التوتر على وقع الصراعات المحلية التي قد تأخد منحى جديداً في الأيام المقبلة مع لجوء مكونات سياسية إلى التهديد بالتصعيد السياسي والشعبي إذا لم تحل قضية التحقيقات في انفجار مرفأ بيروت، انتهت اليوم زيارة الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش إلى لبنان والتي تضمنت جولة تفقدية لمرفأ بيروت ووضع إكليل من الزهر على النصب التذكاري لشهداء الرابع من آب، حيث يتوقع غوتيريش إجراء تحقيق مستقل في انفجار مرفأ بيروت ومحاسبة من تثبت مسؤوليته. 

لا يمكن وضع زيارة غوتيريش في خانة الزيارات الدولية والغربية الطبيعية للبنان، لما تحمله من مضامين تتصل بملفات اساسية عالقة في لبنان وعلى رأسها ترسيم الحدود البحرية والانتخابات النيابية، بيد أن مصادر مطلعة على الاتصالات الدولية والأميركية والفرنسية  قالت لـ”لبنان24″ أن هذه الزيارة معنوية بامتياز من حيث إظهاره التضامن الدولي مع الشعب اللبناني الذي يعاني ما يعانيه  وهي تأتي بناء على طلب الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، ودعما للدور الفرنسي في لبنان ولرئيس الحكومة نجيب ميقاتي وحكومته، لكنها لن تبدل تبديلا في الواقع الراهن ولن تفتح أي كوة في جدار الازمة السياسية الداخلية، فما طرحه غوتيريش ايضا على مستوى العقد الاجتماعي الجديد سابق لاوانه، ومرد ذلك أن اي تطور في هذا السياق سيكون مرتبطاً بمتغيرات في المنطقة. 
 
 
ان رسالة غوتيرش واضحة بحسب الرئيس والمدير التنفيذي لـ”مجموعة العمل الأميركية حول لبنان”( تاسك فورس فور ليبانون) اد غبريال، فهو يريد  ان يطمئن اللبنانيين انهم محل اهتمام دولي واممي وأن يذكر القادة السياسيين في لبنان بأن مهمتهم الحقيقية هي خدمة الشعب اللبناني فهو خاطب الزعماء السياسيين في لبنان بالقول إن ليس لديهم الحق في السماح لانقساماتهم بشل البلاد بأكملها.  
 
في آب الماضي، أصدر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قرارًا لزيادة الدعم للقوات المسلحة اللبنانية لما تعانيه جراء الأزمة الاقتصادية. وفي تشرين الثاني قدمت الأمم المتحدة دفعة اولى من الوقود إلى الجيش اللبناني (من أصل برنامج دعم مدته ستة أشهر). كما تم تقديم المساعدات الغذائية والطبية والصحية لهم. وقال الأمين العام إن الوضع الاجتماعي والسياسي في لبنان أصبح تحديًا أمنيًا بسبب ضعف قدرة القوات المسلحة اللبنانية على مواصلة العمليات في منطقة اليونيفيل،  ودعم الجيش اللبناني يجب أن يكون على رأس أولويات تعزيز الأمن في لبنان. وبالتالي فإن المهمة الاساس لأمين العام للامم المتحدة إعادة تأكيد دعمه لقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في لبنان، وهو زار المقر العام لليونيفيل في الناقورة وجال في الخط الازرق والتقى القائد العام لليونيفيل ستيفانو دل كول فضلا عن ان محادثاته الرسمية مع رئيس الحكومة واجتماعه مع كل من رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب  اظهرت مدى الاهتمام الاممي والدولي بالوضع في الجنوب وبتنفيذ القرارات الدولية. 
 
لقد سبق زيارة غوتيريش الى لبنان بيان صدر عن البيت الأبيض اشار إلى أن لبنان يسير نحو الفشل، الا ان اد غبريال يشير  لـ”لبنان24″الى ان دعم إدارة الرئيس جو بايدن للبنان قوي، مضيفا مسؤولا كبيرا في وزارة الخارجية حذر من أن لبنان يبدو أنه يتجه بسرعة نحو وضع دولة فاشلة، موضحا ان مكافحة الفساد هي أولوية إدارية رئيسية في جميع البعثات الدبلوماسية الأمريكية في الوقت الحالي ، وأن اتباع “نهج الترغيب” مع المشرعين اللبنانيين ضروري للحصول على حكم جيد.  
 
ان الإدارة الاميركية لديها ثقة كبيرة  في ما تقوم به السفيرة دوروثي شيا في لبنان، وهي على تنسيق مع الحكومة الفرنسية في ما خص الواقع السياسي اللبناني، فضلا عن ان كبير المستشاري لشؤون الطاقة في وزارة الخارجية، اموس هوشستاين، خلال زيارته بيروت، عمل على صفقة غاز قيد التنفيذ بين مصر ولبنان مع دعم البنك الدولي، وهي مهمة جدا للحفاظ على الاستقرار لمحاولة إخراج لبنان من الأزمة التي يعيشها  
وبالتالي فان لبنان يمثل  أولوية رئيسية لإدارة بايدن وكذلك للكونغرس الأميركي. ولو لم يكن الأمر كذلك ، لما رعت ATFL زيارة وفد من الكونغرس من الحزبين الجمهوري والديمقراطي إلى لبنان ولما امضت إدارة بايدن وقتًا طويلاً مع الوفد فور عودته للاطلاع منه على النتائج. فالمسؤلون والمشرعون الاميركيون مهتمون جدا بلبنان لأن العلاقات الاميركية اللبنانية كانت دائما عميقة، يقول اد غابريال. فنحن الداعم الدولي الرئيسي للجيش اللبناني ونقدم قدرًا كبيرًا من المساعدة الإنسانية للشعب اللبناني. ولطالما اعترفت الولايات المتحدة بالدور الجيوستراتيجي للبنان،  وابدت اهتماما بالاحتياجات اليومية للشعب اللبناني. وأتوقع أن تصبح سياسة الولايات المتحدة خلال السنة المقبلة أكثر تنسيقًا واستهدافا من خلال برامجها للفئات الاكثر تضررا.
 مع تشديد اد غابريال على انه تم نقل رسالة واضحة  من الولايات المتحدة والأمم المتحدة الى المسؤولين في لبنان لتسهيل عمل الحكومة، ربما يكون الافتقار إلى الإجماع بين القوى السياسية هو أكثر المشاكل اللبنانية التي يجب  العمل على حلها لما لهذا الامر من انعكاسات ايجابية على الشعب اللبناني. 
 
الترقب سيد الموقف للتحولات في الاقليم (التسوية السياسية في سوريا) وارتداداتها على لبنان على المستوى الانتخابي والسياسي والاقتصادي ، الا ان غابريال يقول ليس لدى الولايات المتحدة أي نية لتطبيع العلاقات مع نظام الرئيس بشار الأسد.  هناك مبادرات معينة من بعض القادة العرب تشير إلى أن التطبيع مع النظام وشيك ، إلا أن هناك قضايا رئيسية لم يتم حلها اومعالجتها بعد. لكن من وجهة نظر الولايات المتحدة ، فالتطبيع مع نظام الأسد ليس على الطاولة ولا ينبغي لأحد أن يتوقع عودة الولايات المتحدة إلى العلاقات الدبلوماسية الثنائية مع سوريا طالما ان القيادة الحالية في السلطة. 
في المحصلة، لا أحد يملك مفتاح الحل في الوقت الراهن، تقول مصادر مطلعة على الموقف الاميركي لـ”لبنان24″،مع ترجيحها ان ملف ترسيم الحدود البحرية يبقى الخلاص للبنان رغم ان الامور مجمدة حاليا، مع تشديد المصادر على ان غوتيريش لم يحمل اي جديدا في هذا الملف، لاقتناعه ان دور الامم المتحدة محدود في المفاوضات ومحصور فقط في تقديم المكان للمتفاوضين، فالترسيم  مهمة اميركية بامتياز، وواشنطن وحدها  التي تحدد التوقيت بناء على اتصالاتها مع الجانبين اللبناني والاسرائيلي، ومضمون التفاوض .