كتب عماد مرمل في” الجمهورية”: تُبدي قيادات حزب الله خلال مناسبات غير معلنة حرصاً على مراعاة خواطر رئيس الجمهورية ميشال عون والنائب جبران باسيل، والاشادة بالتحول الاستراتيجي الذي صنعه الجنرال في البيئة المسيحية، لا سيما لجهة دوره الحيوي في إعادة تعزيز ارتباطها بالمشرقية.
ويتفادى الحزب حتى الآن إعطاء اي إشارة الى انه في صدد التراجع عن التفاهم مع التيار «الذي نريده ان يبقى قوياً ولا يخسر، لأن اي خسارة له ستصيبنا بشظاياها على الصعيد الاستراتيجي».
يدرك الحزب ان المشكلة التي يواجهها تتمثل في انتفاء الكيمياء بين حركة «أمل» و«التيار الحر»، ولعل أصعب، بل أسوأ، موقف يوضع فيه دعوته الى الاختيار بينهما، وهو يحاول قدر الإمكان ان لا يتجرع هذه الكأس المرّة، طالباً من التيار ان لا يحشره في الزاوية الضيقة، لأنه لن ينزلق الى نزاع مع رئيس مجلس النواب نبيه بري مهما اشتد الضغط عليه وأياً كانت التبعات.
يعتبر التيار انه لطالما تفهّم خصوصيات الحزب، وتحديداً بالنسبة الى ما يتعلق بطبيعة علاقته مع بري، وبالتالي فهو يؤكد انه سلّم بمعادلة ان وحدة الطائفة الشيعية هي فوق كل اعتبار وأن التحالف بين الحزب وبري ثابت ولا يتزحزح.
لكن التيار يشكو من أن الحزب يبالغ في تطبيق تلك المعادلة وفي الترجمة السياسية لها، الى درجة انها باتت تنعكس سلباً على «وثيقة مار مخايل» ومفاعيلها، مستشعراً بأن الحزب صار يعطي الاولوية القصوى لتحالفه مع رئيس مجلس النواب على حساب التزاماته الأخرى: «عندما نسألهم لماذا تقاطعون الحكومة؟ وما سبب الحملة العنيفة على القاضي طارق البيطار؟ ولماذا تظاهرتم في الطيونة؟ وماذا عن موقفكم من الكابيتال كونترول؟ يجيبون بكلمة واحدة: الرئيس بري».
بالنسبة إلى التيار، يأتي هذا الرد لينسف في كل مرة اي جدوى من النقاش الذي يصبح بلا معنى.
ومن زاوية التيار انه تحمّل وصبر ما فيه الكفاية مراعاةً للتحالف، لكن ما حصل في ملف الطعن أمام المجلس الدستوري أدى إلى ان يطفح الكيل: «كان «حزب الله» قد أعطانا التزاما واضحا بأنه سيكون الى جانبنا في المجلس الدستوري لأنه مقتنع بجوهر الطعن. الا اننا فوجئنا بتنصّله من هذا التعهد وبالانقلاب علينا. ومعروف ان احد القاضيين الشيعيين قريب منه ولو صَوّت مع قبول الطعن لتغيرت النتيجة، أما محاولة إنكار المونة عليه فهو تهرّب من الحقيقة والمسؤولية. ونحن لا نفهم كيف أن هذا القاضي صوّت الى جانب القاضي المحسوب على «القوات اللبنانية» فيكون بذلك الحزب، الذي دفع ثمن ما فعلته «القوات» في الطيونة، قد ساهم في إهدائها ما اعتبرته انتصارا لها».
ملف آخر أدى إلى تفاقم الخلاف مع الحزب وهو التحقيق في انفجار المرفأ ودور المحقق العدلي القاضي طارق البيطار. هنا كذلك، تكبر لائحة شكاوى «التيار الحر» من نمط مقاربة «حزب الله» لهذه القضية: «نحن معترضون أيضا على بعض تصرفات القاضي البيطار إنما ليس بهذه الطريقة تتم مواجهته. التحدي والهجوم أدّيا الى إيجاد عصب له وإحاطته بتضامن شعبي واسع. كان الأفضل أن يجري تفكيك مقاربته للملف بهدوء خصوصا ان هناك حججا قوية يمكن الاستناد اليها في هذا الإطار. ومن هذا الذي يصدّق حقاً اننا متواطئون معه ونستخدمه لتصفية حسابات سياسية كما يروّج خصومنا، في حين اننا كنا من اوائل الذين دفعوا ثمن استنسابيته عبر التوقيف الظالم لبدري ضاهر ومحاولة توقيف مدير جهاز امن الدولة اللواء طوني صليبا؟ غير ان ما يميّزنا عن سوانا هو اقتناعنا بأن تصويب سلوكه لا يكون من خلال مهاجمته وتحديه، إنما عبر استعمال الحجة والمنطق وصولاً الى إقناع الرأي العام بصوابية الطرح المعارض له، علما انه بعد إزاحة فادي صوان ليس سهلا ان تزيح طارق البيطار فقط لأنه لم يعجب البعض. الأمور لا تتم بهذه الخفة».