4 أيام تفصلنا عن وداع سنة 2021 التي يُجمع الجميع على انها واحدة من أسوأ السنوات التي مرت على لبنان لاسيما على الصعيد الاقتصادي، فالدولار سجل أرقاماً قياسية ووصل إلى عتبة الـ 30 ألف ليرة، انهيار اقتصادي ومالي شامل، أزمات سياسية واجتماعية خانقة، رفع الدعم عن المحروقات وعن السلع الغذائية وعن الدواء، إضافة إلى استمرار جائحة كورونا وتداعياتها السلبية، انتكاسات وأزمات لاحقت اللبناني في هذه السنة “الثقيلة” فهل نشهد في الـ 2022 تغييراً؟ وما الذي ينتظر لبنان على الصعيد الاقتصادي؟
الباحث في الشؤون الماليَّة والاقتصاديَّة البروفسور مارون خاطر شدد على “أنَّ ما من حلول للوضع الاقتصادي خارج إطار انعقاد الحكومة واتِّخاذ قرارات تُفَعِّل التفاوض مع صندوق النقد الدولي ووضع الإصلاحات المطلوبة قيد التنفيذ”، مشيراً إلى انه بفعل الشلل والتعطيل أضاع لبنان وقتاً ذهبياً كان من المطلوب استغلاله للبدء بالإصلاحات التي تُشكِّلُ حاجة داخلية قبل أن تكون مطلبًا دوليًّا.
ولفت البروفسور خاطر في حديث لـ “لبنان 24” إلى انه حتى وإن عاودت الحكومة الاجتماع في وقت قريب فإنَّ الاستحقاق الانتخابي سيكون طاغيًا على نشاطها، وهي لن تكون إلاّ حكومة انتخابات تقوم بكل ما في وسعها لإنجاح هذا الاستحقاق إن حَصَل.
وأوضح خاطر ان عدم اجتماع الحكومة وتوقُّف التفاوض مع صندوق النقد الدولي، بالإضافة الى تفلت السوق الموازية وأمور اخرى، تؤدي مجتمعة الى ارتفاع الدولار من دون أي سقف على الرغم من بعض الحلول النقديَّة الموضعيَّة، ودعا للإسراع في وضع حلول مما قد يُساهم في تهدئة الأسواق والذهاب نحو خطة اقتصادية شاملة تنقذ البلد.
وقال: “اذا لم تجتمع الحكومة فلا مؤشر لحل، الوضع الاقتصادي والاجتماعي يتفاقم وبالتالي يجب الذهاب إلى حل سريع لتفادي كارثة إجتماعية حقيقيَّة”.
وردًا على سؤال عن تأثير الانتخابات النيابية التي ستنظم في أيار 2022 على الوضع الاقتصادي، أجاب خاطر: “الانتخابات هي محطة تغييرية بل فرصة حقيقيَّة لإنتاج سلطة جديدة قوامها “قادة” غير مُرتهنين باستطاعتهم إنقاذ البلاد.” في سياق متَّصل، تخوَّف البروفسور خاطر من خطر “الزبائنيَّة السياسيَّة” على الانتخابات، مشيرًا الى أنَّها باتت “مستشرية” في ظل الأزمة المعيشيَّة وإنهيار سعر الصرف، وشدَّد على أهميَّة الحذر من هذا الموضوع وعلى ضرورة تسليط الضوء عليه.”
وعن أموال المودعين وتوزيع الخسائر وما سيحصل في هذا الإطار، رأى خاطر انه يجب ان يتمّ الاتفاق على رقم محدد حقيقي للفجوة الماليَّة، معتبرا أنَّ تقدير حجم الخسائر بـ 68 أو69 مليار دولار غير دقيق.
وأشار إلى وجود عدة سيناريوهات لاحتساب الخسائر، وقال: “يجب إعلان كيفيَّة احتساب رقم الـ 69 مليار دولار وما إذا كان صندوق النقد الدولي موافق على ما تم إعلانه كخطوة أولى أساسيَّة على طريق الحلّ . أمّا الخطوة الثانية فيجب أن ترتكز على تراتبية توزيع الخسائر بدءًا بالدولة والمصرف المركزي وصولا الى المصارف على أن يتم استبعاد المودعين قدر الإمكان.” في هذا الإطار يرى خاطر أن ما يصدر حاليَّا من تعاميم ليس إلا توزيع للخسائر على المودعين حصرًا.
أمّا عن موضوع رفع سعر الصرف الرسمي إلى 6000 ليرة، اعتبر البروفسور خاطر ان “سعر الصرف هو إنعكاس للوضع الاقتصادي العام ولنتائج السياسات الماليَّة والنقديَّة للدولة. لذلك فإن أي تعديل على سعر الصرف لا بد أن يأتي في إطار خطَّة شاملة ولا يمكن أن يكون أداة لزيادة الإيرادات أو لخفض عجز ميزان المدفوعات”. في هذا السياق نبَّه خاطر الى أن أي زيادة على سعر الصرف الرسمي راهنًا ستكون له عواقب اقتصادية واجتماعية كارثيَّة بسبب “دولرة” الاقتصاد ونُموُّهُ السالِب.
وتابع خاطر: “يحاول مصرف لبنان رفع الصرف وجعله يقترب من سعر المنصَّة في محاولة لخفض حجم العمليَّات على السوق الموازية، إلا أن الجميع يعلم أن هذه السوق متفلّتة وأنَّ أي تدبير لن يجدي نفعًا ما لم تتم معالجة هذا التفلت”.
أخيرًا اعتبر البروفسور خاطر أنَّ “تعاميم مصرف لبنان الأخيرة لا تتعدى كونها معالجات “آنية” تهدف الى شراء الوقت والى استعمال ما تبقى مما لم يُسرق للتأكيد على أنّ المشكلة سياسية وليست نقدية، وأنَّ الحلّ هو بالتالي سياسي.
ختم خاطر: “فلتجتمع الحكومة إيذانًا ببدء الحلّ!”
إذا الحل سياسي هو مفتاح الحل الاقتصادي والمطلوب عودة جلسات الحكومة ووضع خطة اقتصادية إنقاذية والبدء بتنفيذ الإصلاحات المطلوبة إيذانا للتوصل لاتفاق مع صندوق النقد الدولي، فهل سيتحقق هذا الأمر في الـ 2022؟