نسمع كلامًا سياسيًا كثيرًا هذه الأيام. والمناسبة “جردة حساب” آخر السنة، بالإضافة إلى ما هو متوقّع للسنة المقبلة، فيما المواطن لا يزال يعيش على أمل تحقيق ولو إنجاز واحد في سنة 2022.
من بين الكلام الذي سمعناه واحد لرئيس الجمهورية أمس الأول، وآخر لرئيس الحكومة أمس. كلاهما دعيا إلى طاولة حوار، وكلاهما وجّها رسائل إلى جميع المكّونات السياسية قبل أن تحين ساعة الحقيقة، التي نعتقد أنها ستظهر من خلال صناديق الإقتراع في 6 و8 ( للمغتربين) و 15 أيار المقبل (للمقيمين)، أي بعد نحو أربعة اشهر ونصف الشهر من الآن.
إلى أن يحين هذا الموعد المنتظر فإن العمل الحكومي لا يزال معلقًا على حبل شروط “الثنائي الشيعي” بالنسبة إلى عمل المحقّق العدلي القاضي طارق البيطار. وفي هذا المجال كان لكل من الرئيسين ميشال عون ونجيب ميقاتي موقفان واضحان ومحدّدان.
الأول تساءل: “بأي شرع او منطق او دستور، يتم تعطيل مجلس الوزراء، ويُطلب منه اتخاذ قرار ليس من صلاحياته، ويتم تجميد عمله بسبب مسألة لا تشكّل خلافاً ميثاقياً؟ على الحكومة ان تعمل. وعلى مجلس النواب ان يراقب عملها ويحاسبها عند الضرورة، وليس المساهمة في تعطيلها، فيما يعمل بعض المسؤولين على استمرار الشلل فيها”.
امّا الرئيس ميقاتي فكان أكثر وضوحًا وسمّى الأشياء كما هي، وقال: “إن توقف جلسات مجلس الوزراء منذ الثاني عشر من تشرين الاول الفائت يشكل خللا بنيويا في عمل الحكومة لا يمكن تجاهله او التغاضي عنه. صحيح أننا نتفهم هواجس ومطالب شريحة واسعة من اللبنانيين في ما يتعلق بقضية التحقيقات الجارية بانفجار مرفأ بيروت، وندعو الى أن تكون المعالجة ضمن الاطر الدستورية والقانونية، لكن الصحيح ايضا، ان الدستور وجد لمنع التعطيل وأن القوانين هي المرجع الصالح لحل الخلافات. اضاف: “منذ اليوم الاول للازمة الحكومية، عكفت ولا ازال على اجراء الاتصالات الضرورية لعودة الجلسات الحكومية، وتريثت في الدعوة الى عقد جلسة لمجلس الوزراء، حتى لا يشكل هذا الامر تعقيدا اضافيا يصعب تجاوزه، ويفقد الحكومة التوافق المطلوب لانتظام عملها. وبوضوح اقول إنني أول الساعين الى معاودة جلسات مجلس الوزراء لتنفيذ البرنامج الوزاري الذي تشكلت على اساسه، كما أنني اول المتضررين من تعثر عمل الحكومة التي اتحمل في النهاية المسؤولية الأولى عنها، ولكن الصحيح أيضا أن مزايدات البعض في هذا الإطار والتعامي عن مخاطر الاقدام على تأجيج الخلافات، سيدخلنا في تعقيد أكبر وقد يؤدي الى ما لا تحمد عقباه”.
ما يمكن إستنتاجه مّما تقدّم أن الوقت يمرّ بسرعة، وأن الأشهر المتبقية من عمر الحكومة قبل حلول الإستحقاق الإنتخابي هي أشهر مفصلية من أجل إحراز تقدّم في المفاوضات الجارية مع صندوق النقد الدولي، لأنه من دون الوصول إلى نتائج مرضية في هذا الصدد لن يستطيع لبنان أن يحقّق الشيء الكثير مما يتوقّعه أو ينتظره، خصوصًا بعد الكلام الذي قاله حاكم مصرف لبنان من أن لبنان يتطّلع إلى تحصيل ما يقارب الـ 15 مليار دولار، وهذا ما يتيح وضع قطار التعافي على السكّة الصحيحة.
ولكن، وعلى رغم الجهود التي يبذلها رئيس الحكومة من أجل عودة مجلس الوزراء إلى دورته الإنتاجية، فإن الأشهر القليلة المتبقية من عمر الحكومة لن تسمح بتحقيق ما كنا نحلم به، تمامًا كما أن العشرة اشهر المتبقية قبل نهاية العهد لن يُستطاع تحقيق ما عُجز عن تحقيقه في 62 شهرًا.
وعلى رغم كل هذا لا نزال نؤمن بأن زمن المعجزات آتٍ لا محال.