على إيقاع يشبه “يللي شَبَكنا يخلّصنا”، يتأرجح القضاء اللبناني داخل الملعب السياسي محاولاً إلتقاط أنفاسه، وفكّ لغز قواعد الإشتباك القائمة من حوله، في محاولة للوصول أقله الى خواتيم مرجّوة في جريمة الرابع من آب ٢٠٢٠ تكشف اللثام عن “البِير وغطاه” إحقاقاً للعدالة بالدرجة الأولى، ولإعادة قطار مجلس الوزراء الى سكة العمل بعد “كربجة” تخطّت المئة يوم من عمر حكومة الرئيس نجيب ميقاتي.
ثمة من يقول من أهل الإختصاص إن هناك ضوءاً خافتاً يكاد يلوح في نهاية النفق القضائي، يتمثّل في إمكان إصدار المحقق العدلي في جريمة إنفجار المرفأ القاضي طارق البيطار قراره الإتهامي، بعد اكتمال التحقيقات أو بالأحرى ما تراكم لديه من معطيات، وبعد إبداء النيابة العامة التمييزية مطالعتها في الأساس، فيحيل قراره هذا الى المجلس العدلي الذي هو أعلى سلطة قضائية في القضايا الجنائية وقضايا الإرهاب في لبنان.
في هذا السياق، يؤكد مصدر حقوقي أن لا خيار أمام المحقق العدلي سوى المضي في تحقيقاته بين دعوى كف يد وأخرى، من دون إغفال دعاوى الإرتياب المشروع ومخاصمة الدولة وطلبات نقل الدعوى، وهي ناهزت بمجملها ٢٥ دعوى بحق البيطار في ظاهرة “فلكية” غير مسبوقة حولّت قاضيا من حاكم بإسم الشعب الى متّهم بإسم ممثلين عن الشعب أو يُفترض أنهم يمثلون الشعب.
المصدر عينه يشير الى أنه يمكن للمحقق العدلي أن يحيل الأظناء الى المجلس العدلي ضمن إطار قراره إدعاء أو إتهاماً، لكن الأهم أنه يمكن أن يحيل المطلوب رفع الحصانة عنهم أيضاً الى المحاكمة، وإن لم يستطع إستجوابهم كمدّعى عليهم، ما يعني عملياً إنقاذ التحقيق بحد ذاته من الإغتيال على يد المتضرّرين من كشف الحقائق.
ما يعزّز فرضية السير بهذا التوجّه هو أن المحقق العدلي يطبّق الأصول المتبعة لدى قاضي التحقيق، مع فارق بسيط هو أن الأول يحمل صفة (ad Hoc) أي أنه عيّن للنظر في قضية محدّدة، وبالتالي تنتهي مهامه مع نهاية التحقيقات فيها، وهنا يكمن حل المعضلة.
لا نتائج ملموسة حتى الآن في ملف المرفأ، ونفق التعطيل يبدو أنه طويل، فهل “يفعلها” البيطار ويقدّم للعدالة مخرجاً قانونياً يحفظ ماء وجه الجميع؟