ليسَ عاديا أبداً أن يبتعد الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله عن الغوصِ بالملفات الداخلية في خطابه، أمس الإثنين، خصوصاً أن كلامه يأتي في ذروة الأزمة التي تحكم العلاقة بين “حزب الله” وحليفه “التيار الوطني الحر”.
باختصارٍ شديد، عمد نصرالله إلى تصويب الأمور الأساسية التي كان من المُنتظر حصول أجوبة عليها، مؤكداً تمسّكه بالتحالف مع “الوطني الحر” واستعداد الحزب لتطويره، وذلك انطلاقاً من أهمية الحفاظ على الأصدقاء والحلفاء.
فعلياً، فإنّ ما قاله نصرالله بشأن “الوطني الحر” كان متوقعاً وغير مستبعد، كما أنّ الكلام الذي طرحه يعتبرُ الخطّ العريض لأي نقاشات أخرى ستأتي لاحقاً. وهنا، فإنّ رئيس التيار “الوطني الحر” النائب جبران باسيل يكون قد تلقى الجواب على مطالبه بضرورة تطوير اتفاق مار مخايل، وهو الأمر الذي لن يتردّد “حزب الله” الآن في الاقدام نحوه بعد التزام نصرالله به.
لماذا ابتعد نصرالله عن الخوض بالملفات الداخلية أمس؟
ابتعادُ نصرالله عن الحديث بالملفات الداخلية في كلمة الأمس، فتح الباب أمام تساؤلات عديدة عن الأسباب الكامنة وراء ذلك، في حين رجّحت مصادر مقربة من “حزب الله” أن يطل أمين عام الحزب قريباً في مقابلة خاصّة للحديث عن الملفات اللبنانية بشكل مُفصّل، وذلك لقطع الشكوك بشأن تحالفه مع “الوطني الحر” أولاً وتوضيح صورة المسار للمرحلة المقبلة ثانياً.
وسط ذلك، فقد برز حديث عن إمكانية وجود تسوية تُحضّر مع “الوطني الحر”، وقد جرى تأجيل الحديث عن ملف الخلاف حتى استواء المحادثات بين الحزب والتيار. وفي هذا الشأن، نفت مصادر “حزب الله” أن يكون هناك تسوية، وقالت لـ”لبنان24″: “الكلام عن هذا الأمر يكون في حال لم يتطرّق نصرالله إلى موضوع التحالف مع الوطني الحر أبداً، لكن الأمين العام تحدّث بصراحة عن تمسكه بالتحالف وإمكانية تطويره، وهذا الأمرُ هو الأساس والباقي تفاصيل يجري بحثها في حوارٍ ثنائي”.
وأضافت: “عندما يُعلن نصرالله بشكل واضح عن جهوزية حزب الله لتطوير اتفاق مار مخايل، فإن ذلك يعني أن النقاش قائم وسيجري بشكل طبيعي والحوار سيستمرّ ضمن الأطر المطلوبة، وحتماً سيتم الوصول إلى صيغة جديدة للاتفاق تضمن الطرفين”.
مع هذا، فإنّ حديث نصرالله بشكل مختصر عن تمسكه بالتحالف قد يشير أيضاً إلى ارتياًحٍ وليس ارتياب، وكان من الممكن أن يُخصص للملف وقتاً في مناسبة الأمس، خصوصاً إذا كان الأمرُ مستعجلاً وخطيراً ويؤثر على التوازنات. إلا أن ما يتبين هو أن نصرالله يكون قد آثر الابتعاد قليلاً عن الغوص بالتفاصيل في هذه المناسبة وذلك إفساحاً للمجال من أجل الكشف عن معطيات جديدة تطمئن الحلفاء أكثر وتوجّه رسائل إلى الخصوم.
كذلك، فإنّ إرساء نصرالله معادلة التفاهم مع “الوطني الحر” ستكون حُكماً قائمة قبل الانتخابات النيابية المقبلة بشكل خاص، إذ أن أي ضربٍ لاتفاق مار مخايل سينعكس سلباً على مجريات الاستحقاق الانتخابي.
في المحصّلة، فإنّ الكرة اليوم في ملعب “حزب الله” الذي يتوجّب عليه تلقف مطالب “الوطني الحر” والبحث فيها، ومن الممكن أن يصل تطوير التحالف إلى خواتيم غير مرجوّة في حال كانت الشروط “تعجيزية” بالنسبة للحزب وتحديداً إذا مسّت بالثوابت التي يتمسّك بها.