كتبت هيام قصيفي قي” الاخبار”: يقف جنبلاط اليوم منتظراً انقشاع الغيوم الإقليمية، فيستعد للانتخابات النيابية، ولا يقدم نفسه على أنه منشغل بها إلى الحد الذي يتصوّره البعض.
هو يقدم ملفين على كل الملفات الأخرى: الهم الاجتماعي وتفعيل الحكومة.
والحكومة، من هذا الباب، أُولى الضرورات، مع الاعتراف بأن رئيسها نجيب ميقاتي يتحرك ويبادر كما فعل في الآونة الأخيرة، ولا سيما في ردّه على الأمين العام لحزب الله، والوزراء يتابعون ملفاتهم روتينياً. لكنّ العبرة تبقى في الحاجات الضرورية التي تحتّم اجتماع الحكومة لأسباب معيشية واقتصادية، في ملف الاتصالات واحتمال توقّفه وارتفاع أسعاره، وتأثيراته على كل القطاعات، وفي ملف المفاوضات مع صندوق النقد، وسائر الملفات المعيشية. كل ذلك من الطوارئ الضرورية، أما الدعوات إلى الحوار ومشتقاته فليس وقتها حالياً، فيما الناس تحت عبء الجوع والمرض وفواتير المستشفيات. لأن المطلوب اتخاذ إجراءات تخفّف وطأة الانهيار الاقتصادي.
لكنّ المخاوف من احتمال تمدد الأزمة الحكومية واقعية، بقدر ما هو واقعي أن الأفق يبدو مسدوداً في ظل المناكفات الأخيرة.والواقعية تفترض الكلام عن إعادة ترتيب الساحة السياسية استعداداً للانتخابات ولا سيما في ما يتعلق بعودة الرئيس الحريري. يدفع الاشتراكي، كما الرئيس بري، في اتجاه بقاء الحريري في الساحة السياسية من باب الانتخابات.
للضرورة الوطنية والسُّنية لا يمكن ترك الوضع السني من دون الحريري، والتخلي عن الاعتدال السني لمصلحة أطراف أخرى. لا يمكن للحريري أن يتخطى هذا الاعتبار مهما كانت الأسباب التي قد تدفعه إلى هذه الزاوية.
لكن في انتظار اتخاذ الحريري قراره، يستكمل الاشتراكي والمستقبل اتصالاتهما انتخابياً، والمحسوم بينهما واضح، رغم أنه لا يدخل الانتخابات من الباب العريض، ولا يخوض مبكراً في الأسماء والتحالفات تفصيلاً قبل اتضاح الرؤية تماماً.
فما بات أكيداً هو تكرار تجربة عام 2018، أي تحالف الاشتراكي والقوات والمستقبل. بهذا المعنى يصبح الجبل المساحة المشتركة بين قوتين لا تتفقان سياسياً في الوقت الراهن، وقد لا تلتقيان في ساحات انتخابية أخرى. وهذه المساحة تساهم في تأطير نوع من التحالف الواقعي ومن دون شعارات رنّانة، ولا عناوين تشبه مرحلة 14 آذار، ولا يمكن أن تتوافر ظروف مشابهة لها في مناطق أخرى.
لا يزال الاشتراكي يحسب الانتخابات من فوق، أي من دون الدخول في تفاصيل وأسماء يسقطها نهائياً في لوائحه بين حرس قديم وجديد، ولو أن بضعة أسماء نيابية تلقائية، وبين انتظار خيارات حلفائه بانتقاء مرشّحيهم. لكنّ الثابت أن الارتياح الانتخابي المعتاد لا يقابله ارتياح إلى مستقبل البلد الذي يبدو قاتماً.