سوق الأحد… للمقتدرين فقط

5 يناير 2022
سوق الأحد… للمقتدرين فقط
جنى غلا ييني

بداية عام جديد على ما يبدو سيكون امتدادا للذي سبق بمآسيه وكوارثه، إذ “طحش” الدولار نحو عتبة الـ30 ألف ليرة رافعاً معه الأسعار إلى أرقام قياسية، وتكدّست البضاعة في الأسواق والمحلات، وبات حذاء أو سترة يكلّف المواطن راتبه، فكيف للمواطن أن يكتسي؟


سوق الأحد الشعبية، تلك السوق التي عُرفت برُخص أسعار بضاعتها.


سوق الأحد هي أشبه بمدينة ثانية، إنّه عالم آخر معروف بقربه من الفقراء، إذ تجد فيها كل ما تريده من ملبس وأثاث وكتب وأنتيكا وغيرها الكثير.

سوق الأحد الواقعة في سن الفيل في بيروت، حركته لا تهدأ، يضم أكثر من 700 تاجر يعرضون بضاعتهم على بسطات وتبدأ الناس بالتهافت والشراء بأرخص الاسعار. لكن هل تأثّرت السوق بالأزمات المتوالية التي تضرب لبنان؟

تدخل سوق الأحد فترى تاجرا هنا وآخر هناك وناس تتجوّل بين البسطات بعيون المتفرج وبأيادي فارغة كالجيبة، وتلاحظ نقاشا خجولا بين بائعٍ مراعٍ للوضع المعيشي وزبونٍ مترددٍ في شراء السلعة.

وفي حديث للتاجر ح.م صاحب بسطة سجاد في سوق الاحد، مع “لبنان الكبير”، يتحدّث عن نوعيات السجاد المتدرجة من الجيدة كالسجاد العجمي الى الاقل جودة. ويرى أنّ الوضع يسوء ولم يعد أي شيء كما كان سابقاً، إذ أصبح يدرس بجديّة خياراته في تصفية بضائعه بسبب الأوضاع المعيشية المرهقة والتي تلاحق الجميع.

ويصف حالته المعيشية: “أنا لدي عائلة مكوّنة من 4 أولاد وزوجة، كنت قبل الأزمة أوفّر مصروف العائلة من البسطة وكنت أسجّل أولادي في مدارس رسمية، وكنا نعيش عيشة لائقة ومقبولة، أما اليوم فأصبح البيع شبه نادر لأن الناس بالكاد تستطيع تأمين الأولويات من مأكل ومشرب”.

ولفت الى انه “على الرغم من بعض الميسورين الذين يأتون لشراء سجاد فاخر، فإن البيع تراجع كثيرا حتى للميسورين بسبب تسعير السجاد بالدولار، أما الطبقة الوسطى فغابت كليا بعد أن كانت تحرك السوق وباتت أحوالها المالية اليوم شبه معدومة”.

ويستطرد: “لذلك قررت تصفية البضاعة لأنني لم أعد أستطيع تـأمين مصروف العائلة وبالكاد استطعت تسجيل أحد أولادي في المدرسة، أمّا الآخرون فسيبقون في البيت بلا تعليم، لذلك سأستبدل البضاعة بشيء يؤكل ويشرب مثل لفّ السندويشات وبيع العصائر لأن الناس استغنت عن كل الكماليات لكن لا يمكنها الاستغناء عن الطعام”.

حال سوق الأحد لم تعد كما كانت من قبل، هذا ما يقوله التاجر م.ع، صاحب بسطة جزادين وعطورات عن الأجواء السلبية التي تشبه حال البلد.

فبعدما كانت هذه السوق الكبيرة مشهورة برخص بضائعها المكدّسة وبازدحام زوّارها، يقول التاجر أنّ “الحركة أصبحت خفيفة جدّاً، وأصبح الزبون يستغني عن قطعة مقابل أخرى أكثر أهمية، وبسبب الارتفاع المستمر للدولار وشراء بضاعتنا بالدولار نُجبر على رفع أسعارنا 10 أضعاف السعر الاصلي”.

ويضيف: “لهذا السبب نسبة البيع انخفضت بشكل كبير مما أدى الى خسارتي للكثير من زبائني وبالتأكيد الربح الذي كنا نحصل عليه سابقاً لم يعد بمقدورنا أن نحصل عليه الآن، لكن لا تزال السوق تشهد وجوها جديدة من المقتدرين الجدد أو أصحاب “الفريش” والذين يركّزون على بسطات التحف العتيقة والنادرة والتي لا تتواجد إلّا في سوق الأحد”.

حتى سوق الأحد المعروفة بـ”رخصها الفاقع” لم تسلم من الأزمات الاقتصادية، هذه السوق التي كان تعتبر متنفساً للفقراء باتت للمقتدرين فقط، إذ فقدت توهّجها متأثّرة ببصمات الدولار المتفشّية في كل ركن من لبنان.

المصدر لبنان الكبير