كتب نقولا ناصيف في” الاخبار”: انتهت مساء الخميس جولة في الاشتباك بين الرئيسين ميشال عون ونبيه برّي بنصف حل: عقد استثنائي لمجلس النواب بمبادرة من رئيس الجمهورية تبعاً للمادة 33 من الدستور،
قيل الكثير في دوافع قبول عون، بعد امتناع، بفتح عقد استثنائي. فُسِّر الامتناع ـ أو عدم الإصدار على الأقل حتى مطلع السنة الجديدة ـ على أنه رد على تعطيل السلطة الإجرائية بتعطيل السلطة الاشتراعية. قيل أيضاً في الساعات المنصرمة حتى صدور المرسوم، إن التهويل بعريضة يوقعها أكثر من 65 نائباً لفرض فتح العقد الاستثنائي، حمل رئيس الجمهورية على قراره الأخير خشية أن تُعدّ العريضة هذه نكسة دستورية ثانية لصلاحياته بعد التصويت الثاني على قانون الانتخاب المعاد في تشرين الثاني المنصرم، وتعطيل لجوئه إلى المادة 57 من الدستور، ثم محاولة فرض نصاب الأكثرية المطلقة عليه (59 نائباً) في الجلسة تلك، ما لا يُفترض أن تتلقاه رئاسة الجمهورية مجدداً بنكسة العريضة الملزمة والمقيِّدة. قيل أكثر من ذلك، إن موقعي العريضة بلغ عددهم 70 نائباً، فأرغموا الرئيس على إصدار المرسوم. وهو معطى لم يكن دقيقاً ولا صحيحاً.
حتى انتهاء دوام العمل في البرلمان الأربعاء المنصرم (5 كانون الثاني)، وصل عدد موقعي العريضة إلى 51 نائباً، ما كان ينقصهم 14 نائباً للوصول إلى الأكثرية المطلقة المحددة بـ65 صوتاً. اليوم التالي، الخميس، كان عطلة رسمية. بذلك لم يصل الرقم في أي من الأوقات إلى أكثر من الرقم الأخير. لم يكن وقّع عليها من كتلة حزب الله سوى ثلاثة نواب، وهي إشارة إلى أن الحزب لم يُلقِ حتى ذلك الوقت بثقله للمضي في العريضة. بدورها كتلة حزب القوات اللبنانية أبقت على رفض توقيعها ما لم يقترن فتح العقد الاستثنائي بضمانات عودة الوزراء الشيعة إلى مقاعد الحكومة. كلا الكتلتين المتنافرتين هاتين، الأولى بنوابها الـ13 والثانية بنوابها الـ15، كانتا كافيتين لرفع التواقيع إلى 70 نائباً.أما الرابح الفعلي من صدور مرسوم العقد الاستثنائي، فهو لا ريب النواب الملاحقون المدعى عليهم من المحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت طارق البيطار. استعادوا، بلا أي كلفة أو جهد وعناء ولا منّة حتى، منذ مساء الخميس حصانتهم النيابية المانعة لتوقيفهم واقتيادهم إلى التحقيق الذي يرفضون المثول أمامه. ليس ثمة واهمٌ أو عاقل يعتقد بأنهم كانوا سيوقفون ـ والمفترض أن يكون حدث منذ الساعة الصفر في الأول من كانون الثاني ـ سواء صدر مرسوم العقد الاستثنائي أو لم يصدر ما داموا في حمى المظلة السياسية.بذلك يصحّ الظن بأن البرنامج الأساسي ـ إن لم يكن الوحيد ـ للعقد الاستثنائي الجديد هو الاختباء مجدداً وراء المادة 40 من الدستور. بيد أن المؤشر الدال في ذلك كله، أن الثنائي الشيعي لا يزال إلى الآن على الأقل غير مستعد، بإزاء استمرار تعطيل جلسات مجلس الوزراء، للتفكير في أي تنازل.