يخشى اللبنانيون من سيطرة “حزب الله” على مسار الانتخابات النيابية المقبلة، خصوصاً لناحية دوره كرافعة أساسية لـ”التيار الوطني الحر” ودعمه في الدائرة الثانية في بيروت، وهي فرصة ذهبية في ظل تشتت الصوت السنّي فيها، لكبح تقدم حزب القوات اللبنانية، أبرز خصومه في العملية الانتخابية.
حاول موقع “النهار العربي” قراءة دور “حزب الله” مع حلفائه، في لقاء مع كل من الخبير في الشؤون الإيرانية خالد الحاج والكاتب والمحلل السياسي المحامي زكريا الغول.
أشار الحاج الى أن “الانتخابات تشكل في نيسان (أبريل) 2022 في حال حصولها، أبرز المحطات لـ”حزب الله” في هذه السنة، وقد تتكامل مع نتائج مفاوضات فيينا النووية. وتأتي هذه الانتخابات كاختبار حقيقي لنتائج ثورة 17 تشرين الأول (أكتوبر) ورهانها على شعار “كلّن يعني كلّن”، ومدى التأثير والنجاح الذي أحدثته في سيكولوجيا الجماهير اللبنانية”.
برأيه، “تشكل الانتخابات أبرز التحديات للأحزاب اللبنانية قاطبة، لكن واقعياً الأنظار تتجه بشكل أكبر نحو “حزب الله”، وذلك لمجموعة من الأسباب، أبرزها أنها تأتي بعد مرور سنة على انتخابات العراق والتغييرات السياسية فيه التي جاءت بصورة تحت عنوان “هزيمة حلفاء إيران”، وهو الأمر الذي يعتبره البعض ضغطاً على “حزب الله”، وحدثاً ينتظره الكثيرون في الدول الإقليمية والعربية والخليجية، إلى الدول الغربية وصولاً للولايات المتحدة الأميركية”.
وقال الحاج: “لكن الأمور على أرض الواقع مغايرة، فـ”حزب الله” لا يمكن مقارنته بأي تجربة في العراق، وأولها عمله المؤسساتي الذي يوازي الدولة، وتراكم خبرته الطويلة والتاريخية، واستراتيجيته في إدارة الأزمات، وهو استطاع خلال الأزمة الاقتصادية والنقدية الحالية التي تعصف بلبنان، الوقوف مع بيئته وشارعه، مستفيداً من الدعم الإيراني الذي نجح من خلاله في حصد مجموعة من النقاط، أبرزها الحصول على البترول، واستثماره في الداخل اللبناني من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب”.
ماذا عن مشكلات “حزب الله”؟ ذكر أن “أبرز مشكلاته في انتخابات 2022 هي مع حليفه المسيحي، فما قيمة تحقيق “حزب الله” العلامة الكاملة ضمن الطائفة الشيعية وخسارته في المقابل للأكثرية النيابية التي يتمتع بها اليوم، لذلك يبدو أن معركة “حزب الله” الحقيقية هي في الشارع المسيحي وتحديداً ضد حزب القوات اللبنانية والمجتمع المدني الذي يعاني الأمرّين”، مشيراً الى أن “حليفه التيار الوطني الحر الذي تشير التوقعات إلى تراجع كبير في شعبيته، يحاول اليوم رفع حدة خطابه في وجه “حزب الله” للحصول على مكتسبات بقيمة تبدو أكبر مما يمكن أن يحصل الحزب عليها في المقابل”.
أما الغول فركز على أن “البلاد دخلت فعلياً في التنافس الانتخابي، بخاصة بعد إصدار وزير الداخلية والبلديات اللبناني بسام المولوي مرسوم دعوة الهيئات الناخبة وتوقيع كل من رئيسي الحكومة والجمهورية عليه”.
برأيه، “إن الانتخابات النيابية المزمع إجراؤها في 15 أيار (مايو) 2022 للمقيمين في لبنان، تعتبر مختلفة عن سابقاتها منذ أول انتخابات نيابية أجريت بعد الحرب اللبنانية، أي دورة العام 1992، ومرد ذلك لعوامل عدة منها الانهيار الاقتصادي والمالي، الأزمة مع دول الخليج العربية، التعقيدات الحكومية والقضائية، وبالطبع ثورة السابع عشر من تشرين وإنعكاساتها على الناخب اللبناني المقيم والمغترب”.
“لدى كل مكون من المكوّنات السياسية والطائفية في لبنان”، وفقاً للغول، “أجندة خاصة به مرتبطة بالانتخابات النيابية ويتطلع الى نتائجها وما ستتركه من آثار على مستقبل البلاد”. وذكر أن “أول هذه المكونات هو “حزب الله” الفريق الأكثر تنظيماً وقوة وقدرة على ضبط شارعه وتوجيهه، والحزب ينطلق من إنتخابات العام 2022 سعياً للاحتفاظ بأكثريته النيابية مع حلفائه، تمهيداً لفرض مرشحه في الانتخابات الرئاسية وإظهار تماسك شارعه في رد على التحركات الشعبية (ثورة 17 تشرين الأول/ أكتوبر)، والأهم رداً على المجتمع الدولي في تأكيد حضوره النيابي والشعبي”.
لكنه لفت الى واقع “الصراع بين حليفيه فرنجية وباسيل على انتخابات الرئاسة، الذي يربكه نوعاً ما”، مشيراً الى أن “الحزب الذي يتقن اللعب السياسي قادر على إدارة الاختلاف بين الحلفاء لحاجتهم جميعاً له، وانفراط عقدهم من دونه”.
إنتقل الغول الى الشارع الدرزي، مشيراً الى أن “حزب الله” يسعى “لإبقاء حليفه طلال أرسلان ممثلاً في الندوة البرلمانية، مستفيداً من رغبة زعيم الدروز الأول وليد جنبلاط في تمثيل أرسلان للمحافظة على خصوصية طائفة الموحدين الدروز. أما بخصوص الحليف الدرزي الآخر وئام وهاب، فالأمر رهن بنتيجة انتخابات دائرة الشوف – عاليه، وفي حال تمكن رئيس حزب التوحيد الوزير السابق وئام وهاب من تحقيق خرق، فذلك يكون مفيداً للحزب أيضاً”.
وتوقف الغول عند الشارع السنّي، الذي يشكل هاجساً ليس لدى الحزب فقط إنما لدى كل القوى السياسية، مشيراً الى أن “موقف رئيس تيار المستقبل سعد الحريري لناحية المشاركة من عدمها ترك إرباكاً في شارعه كما لدى القوى الأخرى، وفي حال صحت الأقاويل عن عزم الحريري عدم المشاركة فإن ذلك يعني فوضى لدى الناخبين السنّة، ما قد يساهم في ظهور قوى متفرقة أو قيادات مناطقية. من هنا اتى نداء الرئيس نبيه بري للحريري ودعوته للمشاركة في الانتخابات النيابية، والمفارقة أن الحزب يرغب في مشاركة الحريري، كونه خبر سلوكه السياسي المهادن”.
وخلص الى اعتبار أن “حزب الله قد يكون الفصيل السياسي الوحيد الذي أغلق بيئته وتمكن من خرق باقي المكونات المذهبية والمناطقية”، مشيراً الى أنه “ومن ضمن الدوائر الانتخابية قد يكون هو الناخب الأكبر والممثل الأول لدائرة بيروت الثانية، في حال تشتت الصوت السنّي فيها، مع ما يتركه ذلك من أثر سياسي لناحية أهمية تمثيل العاصمة، وما يترتب عليه من تغيير دورها التاريخي وإرتباطها بمحيطها العربي”.