تسير سوريا بخطى ثابتة نحو استعادة مكانتها في الإقليم بعدما تجاوزت نسبيا محنة الحرب الأهلية التي اعاقت تقدمها وساهمت بتراجعها في كافة الأدوار والمجالات.اما الإشكالية الابرز فتبرز في التعاطي السوري المستجد في ضوء تداعيات الحرب الضروس التي لم تحط رحالها بشكل نهائية.
تفيد المعطيات الأولية عن ورشة ديبلوماسية تشكل استكمالا لخطة الرئيس السوري بشار الاسد لاستعادة المكانة والدور السابق بالتوازي مع تقدم الحل السياسي في الداخل رغم التعقيدات الكثيرة في هذا المجال، وفي هذا المجال يمكن تسجيل تقدم ملفت على أكثر من محاولات للتطبيع في مقابل الاخفاق في ميادين أخرى.
في الشق اللبناني، تشهد طريق بيروت – دمشق زحمة سير سياسية ممزوجة ببعض الطموحات المستقبلية الحصول على “كعكة” من إعادة اعمار سوريا، بالتوازي رصدت دوائر القرار في لبنان اهتماما سوريا متزايدا بالملف اللبناني، وقد تكون الانتخابات النيابية مجرد توطئة على أن يكون الاستحقاق الرئاسي المدخل الفعلي لاستعادة الدور والنفوذ في لبنان تحت عناوين حماية الخاصرة الرخوة.
اما في المجال العربي، فتقع الإشكالية الكبرى بالرفض السعودي والقطري التماهي مع المحاولات الخليجية لاستعادة الحرارة الديبلوماسية كما الكويت و الإمارات والاعتراف بشرعية الرئيس بشار الأسد بما يشكل تماهيا مع الشروط الأميركية القائمة على فك التحالف مع إيران و انسحاب الميليشيات الشيعية بشكل تام و نهائي.لا يمكن، وفق خبراء تلبية دفتر الشروط الأميركية في مقابل الاعتراف والتطبيع، ليس من باب تقويض النفوذ الايراني وتصفية نفوذ اذرع الحرس الثوري الإيراني في ارجاء العالم العربي ،بقدر المصالح المتشابكة مع أطراف أخرى وأبرزها أمن إسرائيل كما الدور الروسي الممسك بخيوط اللعبة الاقليمية عبر الشرفة السورية.لكن، يرصد اكثر من طرف تبدلا في النهج المتبع مع إيران منذ بداية الولاية الرئاسية الجديدة أبرز عناوينها إعادة تشكيل الجيش السوري ومنحه صلاحيات واسعة لبسط النفوذ على الأرض ، و هذا الانتشار يأتي على حساب الانفلاش الايراني دون ضوابط، في العمق السوري، فضلا عن استعادة ثوابت الرئيس الراحل حافظ الاسد بالحالف مع إيران لكن من موقع عربي و بإطار الهوية العربية، في حين تدور أسئلة كثيرة حول القدرة على تحقيق تمايز حقيقي عن إيران بغض النظر عن موازيين القوى وشكل التفاهمات التي يجري الاعداد لها مع إيران انطلاقا من مفاوضات البرنامج النووي الايراني.