أبقى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أبواب بعبدا مفتوحة للحوار امام كل من يعنيه شأن المصلحة الوطنية، املا أن يغلب الحسّ الوطني للمقاطعين على أي مصالح أخرى. لكن الرياح لا تجري كما تشتهي بعبدا. مصير الحوار معلق بحسابات وتبادل مصالح. اتصالات رئيس الجمهورية برؤساء الكتل النيابية قبيل اجتماعات بعبدا الثنائية ظهرت مشهد الكارتيل السياسي الذي، مع بدء الاستعدادات الانتخابية، لن يسمح لرئيس الجمهورية تمرير الضربات في مرماه وتحقيق اهدافه المتصلة بالاستحقاقات الدستورية.
ان اعتذار الرئيس سعد الحريري عن المشاركة في الحوار واعلان رئيس تيار المرده سليمان فرنجية الموقف نفسه، وان كان قد فند الاسباب التي دفعته الى ذلك ولم تقنع البرتقاليين، وكذلك الامر بالنسبة لرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، حمل في طياته، وفق مصادر تكتل لبنان القوي، رسائل متعددة الاوجه لا سيما وانها اتت مع تحرك النقابات المعروفة الانتماءات في الشارع تحت شعار يوم الغضب. وبالتالي فإن من يقف خلف مواقف هذه الشخصيات السياسية يقطع الطريق أمام رئيس الجمهورية لترؤس حوار يخلص إلى توصيات من شأنها ان تنعكس ايجابا على الواقع المالي والاقتصادي، خاصة وان المعطل، وفق المصادر نفسها ،معروف و لا يكتفي بتعطيل مجلس الوزراء في وقت احوج ما يكون البلد الى اجتماع الحكومة لاقرار خطّة التعافي المالي والاقتصادي التي تشكل بندا اساسيا في المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، انما يعمل على تعطيل المؤسسات الدستورية كافة وضربها مستفيدا من وقوف حزب الله الى جانبه في ملفات قضائية وغير قضائية.
مع الاشارة في هذا السياق الى ان حزب الله ابدى استعدادا للمشاركة في طاولة الحوار بمن حضر وقد ابلغ رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد الرئيس عون هذا الموقف وسمع منه اهتمامه الجدي بخطة التعافي وباهمية الحوار لايجاد الحلول السريعة للازمة الاقتصادية الراهنة. وهنا تقول أوساط مطلعة إن رئيس الجمهورية كان مصرا،ولا يزال، على الحوار بين كل القوى السياسية دون استثناء، مع اقتناعه ان حوار “اهل البيت” لن يقدم أو يأخر، لأن تصويب السهام النارية تجاه البيان الذي سيصدر عنه من قبل الرافضين للحوار او الذين سيشاركون مرغمين، سوف يعرقل تنفيذه، خاصة وان المعطلين لن يقدموا له جائزة ترضية قبل أشهر من الانتخابات النيابية. ومع ذلك فإن الامور قد لا تقف عند حد البيان الذي اصدره أمس، تقول الأوساط نفسها. فمن يعرف الرئيس عون يعلم جيدا انه لا يستسلم وانه قد يحدد موعدا للحوار في وقت يراه مناسبا ويضع الجميع أمام مسؤولياتهم.
وفق المعارضين للحوار، فإن طاولة 22 تشرين لن تحل أزمة مجلس الوزراء، وتوصياتها لن تبصر النور، طالما ان الوقائع لم تتبدل سواء على مستوى علاقة بعبدا – عين التينة، أو في ما خص ملف تحقيقات مرفأ بيروت والمحقق العدلي طارق البيطار وهذا يعني ان النقاشات سوف تتحول لسوق عكاظ وما يصدر سيبقى حبرا على ورق.
رغم كل كا تقدم وعطفا على مشهد خميس الغضب الذي شهد احتجاجات محدودة، وتحريك التيار الوطني الحر في القضاء ملف حاكم مصرف لبنان فإن أحدا من القوى السياسية بما فيها حزب الله لا يمتلك زمام الأمور لحصد النتائج التي يبتغيها ،وهذا سوف يتظهر في الانتخابات النيابية، فالكل بحاجة الى الكل في التحالفات وعندها تجتمع المصالح التي سرعان ما تتبدد فور صدور النتائج.
ويبقى الأكيد ان الحوار أكثر من ضرورة لبلوغ مرحلة انتقالية والخروج التدريجي من الازمة، لكنه لا يزال متأخرا ولم يحن أوانه بعد ، بانتظار جلاء مشهد التطورات الإقليمية والمعادلات الجديدة، كما يقول قطب سياسي بارز.