هجوم شامل.. حين “يحمّل” عون مقاطعي الحوار مسؤولية كلّ الأزمات!

14 يناير 2022
هجوم شامل.. حين “يحمّل” عون مقاطعي الحوار مسؤولية كلّ الأزمات!

مع بروز مؤشّرات “فشل” الحوار الذي دعا إليه رئيس الجمهورية ميشال عون، أو بالحدّ الأدنى افتقاده إلى “مقوّمات” النجاح، وتحوّله في أفضل الأحوال، إذا عُقِد، إلى حوار “بمن ذلك”، بما يكرّس “عزلة” العهد، بل “تعويمه” كما كان يشتهي المنظّمون، كان من المتوقَّع أن يخرج عون بـ”هجوم” على المقاطعين، ويحمّلهم مسؤولية “تفويت الفرصة”.

لكنّ اللافت في البيان الذي صدر عن مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية، والذي بدا في حيّز كبير منه، بمثابة “فشّة خلق”، أنّه صوّب في كلّ الاتجاهات، حتى إنّه “خلط” بشكل رآه البعض مُبالَغًا به بين من رفضوا التجاوب مع دعوته “الحواريّة”، وبين معطّلي جلسات مجلس الوزراء، من دون تسميتهم بطبيعة الحال، وفق مبدأ أنهم “يعرفون أنفسهم”، علمًا أنّ هؤلاء كانوا للمفارقة أول من “دعموا” مسعاه، في مسعى لإصلاح “العلاقات”.

هكذا، ذهب عون بعيدًا في “هجومه”، فهو لم يحمّل مقاطعي الحوار مسؤولية ما يترتب على استمرار “التعطيل الشامل للسلطات” فحسب، بل ذهب لتحميلهم مسؤوليّة كلّ الأزمة دفعة واحدة، بما فيها خسارة الناس أموالهم وخسارة الدولة مواردها، قبل أن يخلص إلى أن دعوته إلى الحوار “ستبقى مفتوحة”، داعيًا المقاطعين إلى “وقف المكابرة والموافقة على إجراء حوار صريح لنقرر مستقبلينا بأيدينا”، وفق ما جاء في بيان مكتب الإعلام في الرئاسة.”غضب مشروع”بالنسبة إلى مؤيّدي الرئيس ميشال عون، والمحسوبين على “التيار الوطني الحر”، فإنّ ما جاء في بيان الرئاسة يعبّر عن “غضب مشروع” من جانب رئيس الجمهورية، الذي يجد أنّ كلّ مبادراته ومحاولاته للإنقاذ تصطدم بالمعوّقات لأسباب سياسية وانتخابية، فإذا دعا للحوار، وُضِعت الخطوة في خانة “تعويم العهد”، وإذا لم يفعل، اتُهِم بالتقاعس عن أداء “الحدّ الأدنى” من الواجبات الملقاة على عاتقه.

يقرّ هؤلاء بأنّ “واجبات” الرئيس تبقى أعلى وأسمى من مجرّد الدعوة إلى حوار، يدرك هو قبل غيره أنّه لن يقدّم ولن يؤخّر الكثير، ولا تزال التجارب السابقة “غير المشجّعة” ماثلة، بل إنّ بعضها لا تزال تنال رصيدها من “الاستهزاء” في الوسط “العونيّ” قبل خارجه، لكنّهم يرون أنّ سلّة “الخيارات” بيد الرئيس محدودة، فالمؤسسات وعلى رأسها مجلس الوزراء معطَّلة ومشلولة، بل “مرهونة” لبعض القوى السياسية، وهذا أمر خطير.يعتبر المحسوبون على الرئاسة أنّ عون كان يستطيع أن “يتحدّى” المقاطعين، ويمضي بحوار “بمن حضر”، كما دعاه إلى ذلك صراحةً رئيس تكتل “لبنان القوي” الوزير السابق جبران باسيل، لكنّه آثر “التريّث” لعلّ “الحسّ الوطني” يغلب على هؤلاء، وفقًا لهؤلاء، علمًا أنّ “المؤسف والمحزن” في الأمر هو أنّ المقاطعين أنفسهم سيكونون أول “الحاضرين”، فيما لو امتزج الحوار برعاية دولية، والمبادرة الفرنسية لم تُنسَ بعد.”انفصام” وأكثرلم يمرّ بيان مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية من دون ضجّة وردود، تصدّرها “تيار المستقبل” من خلال المستشار الإعلامي للرئيس سعد الحريري، حسين الوجه، الذي تحدّث عن حالة “بارانويا” يعانيها العهد والحزب الحاكم، وكذلك الأمين العام للتيار أحمد الحريري الذي اتهم الرئيس بـ”تضييع البوصلة”، عبر مطالبته بتغليب “الحسّ الوطنيّ”، مذكّرًا إياه بأنّ “فاقد الشيء لا يعطيه”.أكثر من ذلك، ثمّة ملاحظات بالجملة يضعها الرافضون لدعوة الرئيس عون إلى الحوار من أساسها على البيان “الهجومي” الذي صدر، والذي نزع برأيهم عن رئيس الجمهورية صفة “الوسيط والحَكَم” التي أراد “التسلّح” بها في رعايته لطاولة الحوار، وبالتالي أعطى “المشروعية” لرفض التجاوب مع مبادرته، لكونه في الأساس وفي الدرجة الأول “طَرَفًا”، بل “جزءًا أصيلًا” من المشكلة والأزمة المتفاقمة. أما “مصيبة المصائب” في البيان الرئاسي، وفق “خصوم العهد”، فتبقى في كيفية خلطه “شعبان برمضان”، إن جاز التعبير، فهو سعى لـ”تبييض صفحته” عبر “إدانة” الآخرين دفعة واحدة، حلفاء وخصومًا. لكن ما لم يُفهَم برأي هؤلاء، كيف يكون من “يحتجز” مجلس الوزراء ويمنعه من الإنتاجيّة، “مساويًا”، بل ربما وفق “المعايير الرئاسية”، أقلّ “خطورة” ممّن يرفض مجرّد الاجتماع لأجل أخذ “صورة تذكارية” لن تجدي أيّ نفع في موسم الانتخابات.لعلّ المفارقة أنّ شؤون الناس والعباد، وقد وصلت إلى ذروتها، بدت على “هامش” الدعوة إلى الحوار، ومشاورات “جسّ النبض”، وصولاً إلى بيان “فشّة الخلق” والردود عليه. يكاد المراقبون يجمعون على أنّ الرئيس لم يُرِد من الحوار أكثر من “تعويم” عهده، بعدما تفرّق عنه الجميع، وأنّ المعترضون رفضوا تقديم “خشبة الخلاص”. لكن، بين هذا وذاك، من يفكّر باللبنانيين، ويفكّ بالحدّ الأدنى “الأسر” عن الحكومة لعلّها تنطلق بخطة عملها؟!