لم تنفرج على صعيد الدواء والحليب كما وعد وزير الصحة، فالدواء الذي سجل ارتفاعاً ملحوظاً تجاوز الـ30 بالمئة في يوم الغضب، ظل غائباً عن رفوف الصيدليات لاسباب مجهولة، وبقي المواطن يبحث عن دوائه الذي بات خارج إمكانياته من دون ان يجده، والسؤال الذي يفرض نفسه، اين تقع الانفراجات التي وعد بها وزير الصحة، ولماذا حليب الاطفال ظل غائباً رغم مرور أسبوع على وعد وزير الصحة الدكتور فراس أبيض من مستشفى نبيه بري الجامعي؟
ميدانياً، بحثت رانيا ليومين عن حليب لطفلها من دون جدوى، لم تترك صيدلية الا وسألتها عنه، الجواب واحد «مقطوع، ما في، غير متوفر». اكثر من تنكتي بنزين اهدرتهما في ترحالها على صيدليات منطقة النبطية، فيما إبنتها الرضيعة تصرخ جوعاً، فلا حليب يسكت جوعه ولو لجرعة واحدة، تسأل رانيا الوزير نفسه: «هل تدفعنا الى قتل اطفالنا جوعاً، لماذا الحليب مفقود رغم ان سعره تجاوز إمكانياتنا المحدودة»؟ وأكثر ما يثير حفيظتها أنها تبحث عنه بمالها وليس شحادة، اذ تقول: «وصلونا لزمن نحلف على انجاب الاطفال، يريدون منا أن نتخلى عن حلم الامومة».
وإذا كانت رانيا لم تجد الحليب فسلوى بذلت جهداً مضاعفاً لتجد دواء الـdostinex من دون جدوى، الدواء الذي ارتفع سعره 100 ألف ليرة مع موجة الاسعار الجديدة، بقي مفقوداً من 90 بالمئة من الصيدليات، ومن يتوفر عنده تكون صلاحيته قد شارفت على الانتهاء، ما يعني ان الدواء المتوفر بمعظمه بات شبه منتهي الصلاحية.بعض الصيدليات رمت بكميات وافرة من الادوية لانتهاء صلاحيتها، بعدما باتت خارج قدرة المواطن، يعكس هذا الواقع امراً خطيراً يلوح في الافق، إذ لا يكفي المواطن ان دواءه مقطوع الا وان جزءه المتوفر يحتاج شهرين لانتهاء صلاحيته، وهذا ما واجهته سلوى التي وجدت دواءها بسعر 143 ألف ليرة غير ان مدة صلاحيته تنتهي في شهر 3، ما دفعها للسؤال «كيف يعقل ان تُباع الادوية وهي قاب قوسين او ادنى من انتهاء صلاحيتها»؟ قبل ان تردف قائلة: “إضطررت لشرائه لأنني بحاجه له، وكثر سيفعلون ذلك، ولكن ما أثر ذلك على صحتنا، وماذا لو وصلنا الى زمن يصبح الدواء المتوفر داخل الصيدليات منتهي الصلاحية، وبأسعار باهظة جداً”.
مع إرتفاع اسعار الدواء، كثر باتوا عاجزين عن شرائه، او يتخلون عن علاجهم. محمود احدهم وقد استغنى عن دوائه والإستعانة بالأعشاب لتسكين آلامه “مضطرّ وغصب عني لأنني لم اعد قادراً على دفع 700 ألف ثمن الادوية، من التهابات وضغط وغيرها، أعادنا زعماؤنا الى زمن طب الأعشاب، أي الى عصر ما قبل التطور”. واكثر ما يؤسفه أن “حكومة الانقاذ الميمونة، لم تكن الا حكومة القضاء على الطبقة الفقيرة وتحويلها طبقة معدومة عاجزة عن شراء الطعام والدواء والاستشفاء”، ويسأل: “ماذا يريدون منا؟ هل قتلنا على البطيء، ام دفعنا للانتحار”؟ آسفاً “لان النازح يعيش في مجتمعنا برفاهية عالية ويتوفر له الدواء والعلاج والمازوت والايجار وبطاقة تمويلية، اما نحن فبتنا نازحين بلا مأوى إجتماعي واقتصادي وصحي في وطننا، ماذا يفعلون بنا، نعيش حالة خوف وقلق من التلاعب بنا”.