“بهالبلد كل شي بيصير”، الى حد أنه قد يتم الإعلان عن إنشاء “منصة” خاصة بأسعار الدواء على غرار باقي المنصات الرائجة، فالمسائل في لبنان تحوّلت الى trend في كل شيء.
ليس مستغرباً أن يبدأ اللبناني بالإعتياد على متابعة مؤشر أسعار دواء دوري أو شبه يومي يصدر عن وزارة الصحة العامة، يتلازم بشكل لصيق مع حركة الدولار في السوق الموازية، صعوداً هستيرياً أو هبوطاً دراماتيكياً أو الإثنين معاً، على شاكلة ما يحدث راهناً في قطاعات المحروقات والمواد الغذائية على سبيل المثال لا الحصر، علماً أن الدواء هو مادة غير قابلة للإستغناء عنها أو تقليص إستخدامها أو تقنينه نظراً لارتباطها المباشر بصحة المواطن وسلامته.
أما الأكثر إستغراباً من ارتفاع أسعار الأدوية على أنواعها، باستثناء تلك التي لا تزال تحظى بنظام الدعم من قبل المصرف المركزي، فهو النقص الحاد وشح الأدوية في السوق الإستهلاكية، علماً أن حصة الصناعة الوطنية من الأدوية لا تزيد عن ٧% فقط من المنتجات الصيدلانية، فيما يستورد لبنان ما نسبته ٩٣% من أوروبا وأميركا والدول العربية المجاورة وبعض الدول الآسيوية بقيمة مليار و٩٠٠ مليون دولار أميركي سنوياً.
الإحصاءات غير الرسمية تشير الى أن ٧٠% من اللبنانيين باتوا غير قادرين على تحمّل تكاليف الفاتورة الدوائية، والقصص لا تنتهي في الصيدليات عن مرضى يشترون الدواء “بالحبة” أو في أحسن الأحوال بال “sachet”، هذا إن وجد الدواء أصلاً، علماً أن سوق الدواء تعتمد على ٦٠% من الأدوية الأصلية و٤٠% من أدوية الجنيريك.
التوازن بين حرية الإستيراد وحماية الصناعة الوطنية جائز إذا صفت النوايا، والإمتثال بالدول الشقيقة مثل الأردن ومصر اللتين نستورد منهما أدوية بقيمة ٥٠٠ مليون دولار سنوياً جائز، كما الحال مع الأدوية السهلة التركيب التي تصلنا من تركيا وسوريا، فهل سيبقى ملف الدواء عصيّاً على الحل والى متى؟