“الوطني الحر” في مواجهة أزمة مزدوجة!

19 يناير 2022
“الوطني الحر” في مواجهة أزمة مزدوجة!

يحاول بعض ما يُسمّى بـ “قوى التغيير” تصوير الانتخابات النيابية المُقبلة على أنها مرحلة مصيرية في لبنان إذ إنها،بحسب رأيها، ستحدّد طبيعة مسار الحياة السياسية في ظلّ الازمات المتفاقمة والانهيار المتدحرج والحديث عن نظام سياسي واقتصادي مختلف والترويج لقوّة المجموعات المدنية التي تتوعّد بين فترة وأخرى بالإطاحة بالمنظومة الحاكمة، وغيرها من المؤشرات التي توحي بلا شكّ أن ثمة مرحلة مفصلية ستظهّر ضعف الاستقطاب السياسي من خلال نتائج هذه الانتخابات التي ستضع حجر أساس لملامح حقبة جديدة.

كثيرة هي التحليلات السياسية واستطلاعات الرأي التي يشارك الاعلام في توسيع صداها والتي تتحدّث عن التيار “الوطني الحر” بوصفه الأكثر تضرّرا وتعرّضاً للخسارة في المرحلة الآتية، لذلك فإن التيار يعمل بجدّية على إعادة ضبط شارعه بهدف التقليل من حجم الخسارة التي يبدو أنها متوقعة بشكل أو بآخر.
لكن ما هي الأسباب التي أدّت الى حشر التيار في هذه الزاوية؟مما لا شكّ فيه أن إحدى أهم أزمات التيار هي أزمة التحالفات، إذ إن الحملة التي تعرّض لها من قبَل قوى الحراك والتي ترافقت مع هجمات شرسة من بعض وسائل الاعلام التي حمّلت “الوطني الحر” جزءاً كبيراً من مسؤولية الانهيار والتدهور الذي ضرب حياة اللبنانيين منذ وصوله الى السلطة بشكل عام وهيمنته على القرار في عهد رئيس الجمهورية ميشال عون بشكل خاص أدّت جميعها الى تخوّف القوى والاحزاب المحلية والشخصيات السياسية من التحالف معه لأن ذلك من شأنه أن يُلحق بها ضرراً كبيراً على المستوى الشعبي وتعرضها لحملات اعلامية تطال صدقيتها وشفافيتها، وبالتالي فهي تتجنّب الاقتراب من “التيار الباسيلي” لئلا تضيع منها فرصة الوصول الى البرلمان.

وبحسب مصادر مطّلعة، فإن انتخابات 2022 هي انتخابات التحالفات، في ظلّ القانون الحالي المُجرّب من قبل القوى السياسية في الانتخابات الماضية والذي باتت اليوم تراه باعتباره قانوناً يسلّم الفوز فيه للقوى التي تُدرك نسج تحالفات رابحة، إذ ان العديد من التحالفات قد تحمل آثاراً سلبية وتؤدي الى خسارات بشكل او بآخر، وعليه فإن شكل التحالفات ونوعها يبدو أساسياً غير أنه بالمطلق لا يمكن للقوى السياسية خصوصا المتراجعة منها خوض الانتخابات منفردة وهذا ما يعاني منه التيار “الوطني الحر” اليوم.المشكلة الثانية هي العقوبات الاميركية، إذ إن التيار “البرتقالي” ظهر أمام الرأي العام المسيحي باعتباره مواجهاً للولايات المتحدة الاميركية وهذا ما لا يستسيغه جزء لا بس به من الشارع المسيحي، لذلك فإن المستقلين من المسيحيين الذين كانوا يصوّتون للتيار في الانتخابات السابقة انفضّوا عنه حين باتوا لا يرون أن مكانهم المناسب الى جانبه في السياسة بالإضافة الى الواقع المأساوي على المستوى المعيشي والاقتصادي الذي حمّله هؤلاء للتيار بفعل تحالفه مع “حزب الله”، وبالتالي فضّلوا نقل معاركهم المبدئية الى جانب المجتمع المدني.

من هنا يمكن القول بأن التيار “الوطني الحر” يقف مأزوماً في هذه المرحلة من كل الاتجاهات ويجد نفسه في مواجهة لمشكلة مزدوجة: الاولى التحالف مع “حزب الله” وبالتالي العودة بشكل كامل الى هذا الحلف السياسي ما من شأنه، ربما، أن يزيد من خسائره الشعبية، او خوض الانتخابات وحيداً بلا تحالفات ما سيلحق به خسارة نيابية مدوية!