في المبدأ، ووفق ما تبلغ المعنيون الرسميون به، يحضر الوسيط الأميركي آموس هولشتاين إلى لبنان في الأيام المقبلة لتحريك ملف ترسيم الحدود البحرية. ويأتي ذلك في ظل المعلومات المؤكدة عن سعي أميركي للربط بين استجرار الغاز المصري عبر سوريا واستثناء لبنان من عقوبات قانون قيصر وملف ترسيم الحدود. وصحيح أن البنك الدولي سوف يدفع نصف حاجة لبنان من الغاز المصري أو الكهرباء الاردنية، لكن العقبة الأساس تبقى مرتبطة بحسابات دولية وإقليمية وترتبط بترسيم الحدود البحرية.
في خضم ما يجري، فإن “إسرائيل”منكبة على تحدي لبنان واستفزازه خاصة وأنها غير مندفعة للوصول إلى اتفاق معه في هذا الشأن، وذلك بهدف تمرير العمل في حقل كاريش عبر شركة انرجين تمهيدا لتحقيق ما تبتغيه لجهة تسليم لبنان في النهاية بخط هوف، في وقت تعطل واشنطن ربطا بتل أبيب عمل شركة توتال لمنع التنقيب عن الغاز في لبنان واستثمراره قبل حل النزاع البحري، كما تقول أوساط متابعة للملف.
لكن ماذا عن موقف لبنان الرسمي؟
لا شك أن الطرح اللبناني يتضمن مساحة أكبر من طرح المبعوث السابق فريديريك هوف كحلّ للمنطقة المتنازع عليها والبالغة 860 كيلومترا مربعا، لكن العميد المتقاعد أمين حطيط يقول لـ”لبنان24” إن ليس هناك من موقف لبناني موحد من الخط 29 الذي يعيد إلى لبنان مساحة تُقدر بحوالى 1430 كلم2 ، مع تشديده على أن الجيش اللبناني متمسك بالخط 29 وفقاً للقانون الدولي وأحكام محكمة العدل الدولية، خاصة وأن هذا الخط من شأنه أن يشكل مظلة حماية لحقل الغاز في البلوك رقم 9 الذي للآسف لا تتجرأ أي شركة على التنقيب فيه، خشية من التدخلات الخارجية، مع الإشارة إلى أن الجيش سوف يلتزم في النهاية بقرار المرجعيات الرسمية في حال ذهبت إلى تبني موقف مغاير، علما أن هناك ضبابية حول الوفد المفاوض حتى الساعة، والذي من غير المؤكد أنه سيستمر نفسه بالمهمة من دون أي تعديل أو تغيير، مع تشديد حطيط على أن المقترح الأميركي الرئيسي في الوقت الراهن يقوم على التخلي عن “الخطوط” في الترسيم و التفاوض على أساس الحقول: حقل كاريش لإسرائيل وحقل قانا للبنان، فالاتجاه الأميركي هو للقفز فوق الخطين 23 و29 والتصويب على حدود الحقول وإن كان لبنان لا يزال حتى الساعة غير موافق على الطرح الأميركي ولا يُعرف في العمق أي موقف رسمي سوف يتخد حتى الان.
وفي سياق ذي صلة، لكن وفق رؤية غربية لمسار الامور، فإن الوسيط الاميركي، بحسب مصادر فرنسية لـ”لبنان24″، سوف يزور فرنسا قبل أن يحط في لبنان بهدف التنسيق مع المسؤولين الفرنسيين حول الأفكار المطروحة لا سيما وأن باريس يمكن أن تساعد في هذا الخصوص ربطا بعلاقاتها الجيدة مع القوى السياسية كافة بما فيها حزب الله ، مع إشارة المصادر إلى أن حصة باريس سوف تبقى محفوظة، ومن المقرر أن يعقد رئيس شركة توتال اجتماعا حول عودة التنقيب والضمانات الأميركية لشركة توتال مع الوسيط الأميركي وفريقه خلال زيارتهم المرتقبة، مع تشديد المصادر على أن مهمة هولشتاين محصورة فقط بملف الترسيم ربطا باستثناء لبنان من عقوبات قيصر مقابل استجرار الغاز والكهرباء من مصر والاردن عبر سوريا، معتبرة أنه متفائل بنجاح مهمته قبل آذار المقبل، ويقول إن الأمر لا علاقة له بمفاوضات فيينا أو بمسألة تبريد الأجواء الروسية الغربية.
