الحريري عاد… لشدّ العصب والتحضير للانتخابات أم الابتعاد؟

21 يناير 2022
الحريري عاد… لشدّ العصب والتحضير للانتخابات أم الابتعاد؟

مما لا شكّ فيه، ان عودة الرئيس سعد الحريري تُعتبر الحدث الابرز راهنا على الساحة اللبنانيّة. فالخصوم قبل الاصدقاء، ينتظرون القرار الذي سيتّخذه في ما يخصّ الترشّح للانتخابات النيابيّة المقبلة أو عدمه، وخوض تيار “المستقبل” المعركة الانتخابيّة بوجه “حزب الله” و”التيار الوطني الحرّ”. فكثُرت التحليلات والتصريحات، حول رغبة الحريري بالعزوف عن الترشّح شخصيّاً هذه المرّة، لعوامل كثيرة، أبرزها تمويل الانتخابات، وهي مشكلة ستُعاني منها معظم الاحزاب، بسبب الازمة الاقتصاديّة وشحّ “الدولار الانتخابي”. وثانيّاً، بسبب الوضع السياسيّ الميؤوس منه في لبنان. فلا معارضة ولا موالاة بإمكانها الحكم متفرّدة، والتعطيل هو سيّد الموقف.

ويرى مراقبون أنّ قرار الحريري من الانتخابات سيتوضّح من هنا، إلى تاريخ 14 شباط. ويبقى موضوع إبتعاده عن الحياة السياسيّة، وتكليفه أحد المقربين منه لقيادة تيار “المستقبل” في الانتخابات المقبلة العامل الذي يتقدّم على كلّ الطروحات السياسيّة في بيت الوسط. فهذه ليست المرّة الاولى التي يبتعد فيها عن السياسة. فقد سبق وخرج منها، وعاد بتسوية رئاسيّة أعادت للبنان بعضا من الاستقرار السياسيّ. 
في المقابل، يعتبر مراقبون أنّ عودة الحريري قبل أشهر قليلة من موعد الانتخابات، تعود لرغبته الفعليّة بخوض الاستحقاق الانتخابي، وبشدّ العصب السنّي في المرتبة الاولى، وخصوصاً بعد كلّ ما قيل حول رغبته بالعزوف عن الترشّح، وترك الحريّة لنوابه الحاليين بأخذ قرار الترشّح.وأمام الحريري أيضاً الشارع السنّي الذي يمثّله “المستقبل”. ولا يمكن أنّ يتجاهل خياراته السياسيّة من العام 1992. ويُشير مراقبون إلى أنّ ابتعاد الحريري عن الانتخابات النيابيّة، لا يعني بتاتاً أنّ “المستقبل” لن يخوض المعركة. وبالتالي،فان طرح فكرة حلّ تيار “المستقبل” مجرّد كلام غير دقيق، وشائعات. فالانتخابات، مطلب شعبيّ أساسيّ للمناصرين، وخصوصاً بعد بروز وجوه سنّية جديدة معارضة في الحياة السياسيّة والاعلاميّة من جهة، بالاضافة إلى أنّ “حزب الله” يُشكّل خطراً كبيراً في الدوائر المحسوبة على التيار “الازرق”. فقانون الانتخابات النسبيّ الحالي، سمح بخرق لوائح الحريري في بيروت الثانية وصيدا والبقاع وطرابلس وعكار… في الانتخابات الاخيرة. كذلك، الازمة الاقتصاديّة والمعيشيّة، وتسجيل المغتربين، عاملان يُخيفان المكونات السياسيّة في البلد. وبحسب مراقبين وخبراء في الاحصاء، فان المجتمع المدني سيحصد مقاعد جديدة في مجلس النواب، لانّ الكثير من الاصوات الانتخابيّة ستصُبّ في خانة المحاسبة، مما سيرتدّ على أغلبيّة الكتل النيابيّة، وتقليص حجمها. إذاً، هذه العوامل تشكّل تحديّاً للقاعدة الشعبيّة لـ”المستقبل”، الذي ينتظر الضوء الاخضر من رئيسه، لبدء الحملات الانتخابيّة، وتأكيد على أنّ “الحريريّة السياسيّة” باقيّة حتى لو عزف الحريري عن الترشّح، وهي من أساس الحياة السياسيّة في البلاد.

وبانتظار بلورة المشهد في بيت الوسط، ومع اقتراب موعد الانتخابات النيابيّة، يستمر بعض حلفاء الحريري، كرئيس الحزب “التقدّمي الاشتراكي” وليد جنبلاط، ورئيس مجلس النواب نبيه برّي، العمل على إقناعه بضرورة المشاركة في الانتخابات، كونه شخصيّة سنّية معتدلة، وحليف قويّ.وبعدما التقى أمس الرئيس نجيب ميقاتي والمفتي دريان، من المتوقع أنّ يستكمل الحريري زياراته إلى عين التينة. وينتظر بيت الوسط أيضاً جنبلاط ووفدا قواتيّاً، لاستطلاع موقف الحريري، وتأثيره على الانتخابات، والبناء عليه.توازياً،لا تزال  المواضيع التي تجمع الحريري بحلفائه القديمين في 14 آذار، توافقيّة في ما بينهم. ولعلّ أبرزها مفهوم سيادة لبنان، وحصر السلاح بيد الدولة، والعلاقات مع الدول العربيّة والخليجيّة… لذا، يتوقع مراقبون أنّ يناقش الحريري مع قيادات تيار “المستقبل” موضوع اللوائح الانتخابيّة والتحالفات، وخصوصاً في عكار وزحلة والبقاع وبيروت الثانية والبترون، للضغط على رئيس “التيار الوطني الحرّ” النائب جبران باسيل، وتقليص عدد نوابه، وصولا لافقاده مقعده النيابيّ في البترون.أمّا جنبلاط، فيبقى الحليف القريب للحريري، وقادرا على التحالف مع شخصيات سنّية محسوبة على “المستقبل” في الشوف والبقاع الغربي. ويُضيف مراقبون أنّ ابتعاد الحريري عن السياسة، لن يكون عائقاً أمام شخصيات التيار “الازرق” من تشكيل التحالفات. فما يجمع هؤلاء بحلفائهم يعود لانتخابات العام 2005، وقبلها. وستعود قواعد 14 آذار إلى التلاقي مجددا، تحت راية الانتخابات النيابيّة، لمنع فريق الثامن من آذار من الفوز بالاكثريّة، وتصعيب المهمّة عليه.ويبقى حتّى الان انتظار المشاورات التي سيجريها الحريري في بيت الوسط، واللقاءات التي سيعقدها، ليبني عليها موقفه النهائي الحاسم. ويبقى كلّ ما يُقال مجرّد تكهّنات وتحليلات، والجواب قريباً، وخصوصاً وأنّ الحريري عاد ليُعلنه.