الساحة السنية الى “المجهول” الانتخابي!

21 يناير 2022
الساحة السنية الى “المجهول” الانتخابي!

عاد رئيس كتلة المستقبل النيابية سعد الحريري إلى بيروت أمس، لكنه لن يطيل البقاء كثيرا. فهو سيسافر مجددا إلى الإمارات العربية المتحدة فور انتهائه من ترتيب وضع بيته المستقبلي بعدما اختار العزوف عن الترشح للانتخابات النيابية المقبلة بعد سلسلة اتصالات اجراها مع مسؤولين فرنسيين ودوليين. 

قرر الحريري الخروج من المشهد السياسي بفعل مشكلته المستعصية مع ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان، مروراً بحجم أزمته المالية التي نتجت عن علاقته المتوترة مع الرياض من جراء سياسته تجاه حزب الله ورئيس الجمهورية العماد ميشال عون والتي دفع ثمنها  حصارا مطبقا، أو  كما يقول أحد المقربين منه “التسوية السياسية أطاحت به شخصيا”.  
لا شك أن صفحة الخلافات السياسية والمالية مع المملكة لن تطوى في المستقبل القريب رغم محاولات الحريري المتكررة ومساعيه عبر وسطاء لإعادة ترتيب علاقته معها، إلا أن اعتزال الحريري “للسياسة” وابتعاده وتياره لأول مرة منذ العام 2005 عن خوض الانتخابات النيابية يحمل الكثير من الأسئلة حول الواقع السني في البلد، لما يمثله من اعتدال يكاد يختصر بشخصيات سنية محددة على رأسها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي. 
بعد أشهر من الغياب، استهل الحريري جولته على بعض القيادات السياسية والروحية من السراي الكبير، حيث زار الرئيس ميقاتي، لينتقل إلى دار الفتوى ويلتقي مفتي الجمهورية عبد اللطيف دريان، وبحثا معهما في عنواني الواقع السني والانتخابات النيابية مع ترجيح مصادر المستقبل أنه سيزور رئيس مجلس النواب نبيه بري والبطريرك الماروني بشارة الراعي.  
يترأس الحريري اليوم اجتماعا لكتلة المستقبل وهيئة الرئاسة للبحث في المستجدات التي دفعته لاتخاد قرار الابتعاد سياسيا والنقاش في المرحلة المقبلة المتصلة بمستقبل تياره، خاصة وأن مصادر مطلعة جدا في تيار المستقبل قالت لـ”لبنان 24″ ان مرشحي التيار للانتخابات سوف يترشحون بعيدا عن اللوائح الزرقاء وربما قد يترشحون انفراديا على لوائح تكون منسجمة مع سياستهم المحلية والخارجية، ربطا بمعادلة “أقوياء في المناطق ومقبولون لدى المملكة”، وعندها قد يحصل هؤلاء على أصوات تفضيلية بعيدا عن أي فيتو سعودي، مع إشارة المصادر الى احتمال توافق نادي رؤساء الحكومات السابقين مع رئيس الحكومة على تسمية شخصيات لخوض غمار الانتخابات، ومرد ذلك وفق المصادر، استحالة ذهاب تيار المستقبل رسميا إلى تحالف مع حزب القوات اللبنانية لاعتبارات مبدئية تملي على المستقبل عدم مد اليد إلى اي تحالف مع معراب. 
لا يمكن أن يمر مرور الكرام التحول الحاصل في المشهد السني، فعزوف الحريري عن  المشاركة في استحقاق ايار المرتقب وإعلان الرئيس تمام سلام عدم الترشح، ربطا بعدم صدور اي اشارات عن موقف رئيس الحكومة من  الانتخابات النيابية،  يحمل الكثير من الاسئلة حول مآل الأمور في المرحلة المقبلة، والخوف، وفق قطب سياسي بارز ، يكمن في ضرب مساحة الاعتدال وتوسيع مساحة التشدد والتطرف. 
أمام هذا التطور السلبي، فإن الترقب يبقى سيد الموقف لامكانية حصول الانتخابات من عدمها في ظل مشهد بدأ يلقي بظلاله على نقاشات الصالونات السياسية، اقتناعا من قوى سياسية محسوبة على فريق 8 آذار ومحايدة أن غير من الصواب الذهاب إلى انتخابات نيابية خارج صوت الاعتدال السني مستطردة بالقول:  النواب عبد الرحيم مراد(الذي لن يترشح ايضا) وأسامة سعد وفيصل كرامي شخصيات وطنية ومحترمة لكن حيثيتها على مستوى كل الوطن تحتاج الى جهد اضافي ليس متاحا الان  ، متوقعة أن يشكل هذا المستجد في الساحة السنية عامل إقناع للمجتمع الدولي والدول الغربية المؤثرة بأن اللحظة غير مؤاتية للانتخابات، خاصة وأن مشهدا كهذا قد يكرس اختلالا في التوازن وربما يهدد اتفاق الطائف.