كتبت” الاخبار”: الرابعة عصر اليوم، هو الموعد المفترض لإعلان سعد الحريري رسمياً عزوفه عن انتخابات 2022، هو وكل تياره معه، فاتحاً الباب أمام مرحلة انتقالية عند الطائفة السنية على وجه التحديد، ونقلها من أحادية الزعامة التي صنعها الرئيس رفيق الحريري وورثها نجله، إلى تعدّدية لا شعار أو تمثيل واضحيْن لها. الأكيد أن استيعاب هذا الخروج، لن يكون سهلاً، ليسَ بالنسبة إلى تيار «المستقبل» وجمهوره وبيئته فحسب، بل أيضاً لخصوم الحريري وحلفائه، وكل القوى السياسية التي تتهيّب الموقف.
كل من التقى الحريري في اليومين الماضيين، خرج بكلام واضح عن إصراره على العزوف، وأنه اعتذر من كل من تواصلوا معه من الخارج، وأكد قراره الخروج من السباق الانتخابي، مشدداً على أن قراره يشمل كل تيار «المستقبل»، وأنه سيكون ممنوعاً على أي شخصية قيادية من التيار الترشح إلى الانتخابات باسم «المستقبل»، وسط أجواء تشير إلى أن أول من سيلتزم القرار سيكون عمته النائبة بهية الحريري التي لن تخوض هي أو أي من أفراد عائلتها السباق الانتخابي، كما ينسحب القرار على شخصيات بارزة يتقدمها الرئيس فؤاد السنيورة.وكان الحريري واصل لقاءاته في اليومين الماضيين، وقد كان صريحاً، بل صادماً، مع بعض زواره، لا سيما قيادات من التيار دعته إلى اقتراح بديل لا يقود إلى الغياب الكامل عن الانتخابات. لكن النقاش المباشر كان أكثر صراحة مع شخصيات مثل الرئيس نبيه بري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط. الأول نبه الحريري إلى مخاطر قراره والانعكاسات السلبية على الواقع العام في البلاد. وقالت مصادر عين التينة إن «برّي كانَ مستاء، وحاول إقناع الحريري الذي اجتمع به نحو ساعة ونصف ساعة، العودة عن قرار العزوف عن الترشح، أو أقله عدم سحب تيار المستقبل من كامل العملية الانتخابية»، لكن الحريري كانَ حاسماً بأن «لا مجال للعودة حالياً لظروف مختلفة».وكان جنبلاط أكثر صراحة بالتعبير عن مخاوفه من ترك قوى كثيرة في لبنان ضحية الحصار في حال قرر الحريري عدم خوض الانتخابات. وقالت مصادر مطلعة إن جنبلاط الذي صدم بإصرار الحريري وما وصله سابقاً من كلام عن لسانه، تحدث صراحة عن مخاوفه الشخصية من القرار، طارحاً مسألة الخطر على الكتلة النيابية التي يمثلها والتي ستكون مهددة في مقاعد درزية في بيروت والشوف وبعبدا والبقاع الغربي، كما لفت إلى أن قرار الحريري سيجعل جنبلاط يرضخ لشروط قائد القوات اللبنانية سمير جعجع بالنسبة لخريطة الترشيحات في الشوف وعالية والمتن الجنوبي أيضاً.وعلى هذا المنوال، سمع الحريري الكلام نفسه من الرؤساء السنيورة وتمام سلام ونجيب ميقاتي خلال العشاء الذي جمعهم ليل أول من أمس في دارة ميقاتي، إذ كرر هؤلاء على مسامعه مخاوفهم من الانعكاسات السلبية لهذا القرار على الوضع العام في لبنان، وعلى موقع ونفوذ الطائفة السنية على وجه الخصوص. لكن الحريري كان في كل اللقاءات صريحاً في شرح الأسباب التي قادته إلى قراره، كما كانت أجوبته صادمة لكثيرين عندما كان يقول لهم: دبروا أموركم، وجدوا الحلول التي تناسبكم، لكنني لن أغير قراري!