الوقائع السياسية تقول إن زيارة وزير خارجية الكويت الشيخ أحمد ناصر المحمد الصباح للبنان، وإن كانت مقررة في لقاء رئيس الحكومة نجيب ميقاتي مع الجانب الكويتي في قمة “غلاسكو”، منسّقة مع دول الخليج، وبالأخصّ المملكة العربية السعودية، خصوصًا أن لدولة الكويت علاقات خاصة مع لبنان، وهي تقوم دائمًا بدور توفيقي في أي أزمة تنشأ بين لبنان وأشقائه العرب، وبالأخصّ دول الخليج، حتى أنها لعبت دورًا رئيسيًا في ترطيب الأجواء بين السعودية ودول الخليج وقطر في الأزمة الأخيرة بينهما.
من هنا تأتي أهمية الزيارة، وهي الأولى لمسؤول خليجي بعد الأزمة الأخيرة ، مما يعني أن ثمة مؤشرات إلى حلحلة ما في تطور العلاقات بين لبنان ودول الخليج العربي، الأمر الذي يتيح للمتفائلين التأسيس على ما يمكن أن ينتج عن هذه الزيارة، وما طُرح فيها من أفكار، وما سيستتبعها من إتصالات لاحقة، خصوصًا في الزيارة التي سيقوم بها الرئيس ميقاتي الى الكويت ،وقبلها زيارة وزير الخارجية عبدالله بوحبيب.
وفي رأي مصادر ديبلوماسية متابعة أن الأفكار التي حملها معه الوزير الكويتي إلى المسؤولين اللبنانيين، الذين أجمعوا على ضرورة إعادة تمتين العلاقات مع دول الخليج، ستكون مدار بحث ومناقشة في مجلس الوزراء، وفي اللقاءات الثنائية بين المسؤولين، وذلك من أجل بلورة موقف موحدّ في عناوينه الرئيسية، وبالأخصّ لجهة التأكيد على إعتماد سياسة “الناي بالنفس”، التي وردت في البيان الوزاري، وبالأخص في بنده الثامن حول “تعزيز علاقات لبنان مع الدول العربية الشقيقة والإصرار على التمسّك بها والمحافظة عليها والحرص على تفعيل التعاون التاريخي بين بُلداننا العربية، ودعوة الأشقاء العرب إلى الوقوف إلى جانب لبنان في هذه المحنة التي يرزح تحتها شأنُهم دائماً مشكورين”.
وتعتقد هذه المصادر أن عدم تطرّق الوزير الكويتي في تصريحه من عين التينة، بعد لقائه الرئيس نبيه بري، إلى موضوع “حزب الله”، يأتي في سياق ترطيب الأجواء المطلوبة في المقابل من الجانب اللبناني، وبالتحديد من قبل “حزب الله”، الذي لم يصدر عنه حتى الساعة أي تعليق حول الزيارة. والأرجح أن الرئيس بري سيوفد معاونه السياسي النائب علي حسن خليل إلى حارة حريك لوضع القيادة الحزبية في جو اللقاء مع الوزير الكويتي وما حمله معه من أفكار مطلوب بلورتها وصوغها كموقف لبناني موحدّ، وإن كان “حزب الله” يميل إلى ترك بت هذا الأمر في مجلس الوزراء في شكل رسمي، من دون أن يعني ذلك عدم إلتزامه بـ”هدنة مطلوبة” من قِبله من شأنها أن تمهدّ لمحادثات يؤمل أن تكون مثمرة في الزيارة التي سيقوم بها الرئيس ميقاتي لدولة الكويت فور إكتمال عناصرها وظروفها، خصوصًا لجهة إلتزام لبنان بكل مكوناته السياسية بعدم التدّخل في الشؤون الداخلية للدول العربية.
واللافت في هذه الزيارة وما فيها من أفكار أنها قد تم تنسيقها مع كل من الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا، وهما معنيتان مباشرة بإيجاد حلول ممكنة لأزمات لبنان من جوانبها المتعددة، وهما على إستعداد للتنسيق مع الجانب اللبناني لدفع المفاوضات الجارية على قدم وساق بين لبنان وصندوق النقد الدولي من جهة، وفي مفاوضات لبنان غير المباشرة مع إسرائيل حول ترسيم الحدود البحرية من جهة ثانية.
ويبقى الرهان على مدى تجاوب “حزب الله” مع المبادرة الكويتية، وقدرة السلطات اللبنانية على ضبط حدودها البرّية والجوية والبحرية، والحؤول دون تهريب حبوب الكبتاغون إلى الدول العربية؟