تصدّر موقف الرئيس سعد الحريري بإعلان تعليق عمله السياسي وانسحابه من المشهد الانتخابي برمّته، واجهة المشهد الداخلي، نظراً للتداعيات السلبية لهذا القرار على الساحتين السنية والوطنية.
ووسط أجواء من الحزن والخيبة والصدمة والإحباط سادت أرجاء بيت الوسط، أعلن الرئيس الحريري في مؤتمر صحافي مقتضب تعليق عمله في الحياة السياسية، داعيًا تيار المستقبل لاتخاذ الخطوة نفسها، وعدم الترشح للانتخابات النيابية وعدم التقدم بأية ترشيحات من تيار المستقبل أو باسم التيار، لاقتناعه بأن «لا مجال لأي فرصة إيجابية للبنان، في ظل النفوذ الإيراني والتخبط الدولي، والانقسام الوطني واستعار الطائفية واهتراء الدولة».
وكتبت” نداء الوطن”: بوجه متجهّم حفرت خطوط القهر عميقاً في معالمه، خرج الرئيس سعد الحريري على الملأ أمس ليتجرّع كأس “العزوف” المرّ ويضع حداً لحياته السياسية في المرحلة الراهنة، بعدما أعيته التسويات و”كسرت ظهره” بأوزارها وتبعاتها الداخلية والخارجية، فدفعته قسراً إلى الانحناء والتنحي واتخاذ قراره بـ”تعليق” عمله السياسي حتى إشعار آخر. وإذا كان قرار الحريري انسحب دراماتيكياً على “تيار المستقبل”، سواءً عبر دعوته إلى تعليق عمله في الحياة السياسية، أو من خلال تأكيد التلازم بين قرار عدم ترشحه شخصياً للانتخابات النيابية مع عدم التقدّم بأي ترشيحات من “التيار” أو باسمه، فإنّ زعيم “المستقبل” بدا واضحاً في تفنيده لمسببات قراره، أنه أراد أن يتحمل مسؤولياته و”يسدد فاتورته” أمام الناس والتاريخ حيال التسويات التي خاضها و”أتت على حسابه”، منذ محاولته “احتواء تداعيات 7 أيار إلى اتفاق الدوحة إلى زيارة دمشق إلى انتخاب ميشال عون إلى قانون الانتخاب وغيرها”. وفي المقلب الآخر من المشهد، “خض” تنحي الحريري أركان النظام الطائفي وقضّ مضاجع السلطة بعدما أكد عقمها وفشلها في إنتاج الحلول الوطنية، وتحملها مسؤولية إجهاض طموح ثورة 17 تشرين بإحداث “تمثيل سياسي جديد من شأنه أن ينتج حلولاً لبلدنا وشعبنا”، مع إبداء قناعته في الوقت عينه بأنه “لا مجال لأي فرصة إيجابية للبنان في ظل النفوذ الايراني والتخبط الدولي، والانقسام الوطني واستعار الطائفية واهتراء الدولة”.
لكن أوساطاً مطلعة على الوضع السني تحذر عبر «البناء» من خطر يحدق بالطائفة السنية في لبنان بعد قرار الحريري الذي يشكل سابقة تاريخية. «فقد سبق واعتكف الرئيس رفيق الحريري عن تأليف الحكومة لكن لم يعلن يوماً خروجه من المشهدين السياسي والانتخابي»، موضحة أن «خروج المستقبل يعني إقصاء خط الاعتدال السني لصالح قوى اخرى متطرفة أو تنتمي لقوى خارجية عدة».وكتبت” اللواء”: بتعليل مباشر لخطوة لا لبس فيها، وبنبرة حزن وثقة، لم تخل من عتب، وفي رهان على انصاف التاريخ، له ولمسيرة والده الشهيد رفيق الحريري، أعلن رئيس تيّار المستقبل، ورئيس كتلة المستقبل النيابية ورئيس الحكومة السابق سعد الحريري: «تعليق عملي بالحياة السياسية، ودعوة عائلتي في تيّار المستقبل لاتخاذ الخطوة نفسها..، هذا أولاً، وثانياً: عدم الترشح للانتخابات النيابية وعدم التقدم بأي ترشيحات من تيّار المستقبل أو باسم التيار».
وحسب متابعين، فإن خطوة الرئيس الحريري بانسحابه من تغطية «النفوذ الإيراني» عبر مقاطعة الانتخابات خلط الأوراق، واحدث تغييراً في مسار الوقائع السياسية، مع الحرص على البقاء في خدمة البلد وأهله «وبيوتنا ستبقى مفتوحة للارادات الطيبة ولأهلنا وأحبائنا من كل لبنان».