هكذا سيردّ لبنان على “الورقة” الكويتية”

27 يناير 2022
هكذا سيردّ لبنان على “الورقة” الكويتية”

منذ اللحظة الأولى لتسّلم الجانب اللبناني “الورقة” الكويتية – الخليجية – الدولية، وما فيها من بنود، تباينت آراء اللبنانيين حولها. فمنهم من إعتبرها “سيادية” بإمتياز، ومنهم من رأى فيها نوعًا من “الإملاءات” العربية الجديدة، التي تتناقض مع السيادة اللبنانية. 

وحيال هذا التناقض في المواقف، وهو أمر ليس بجديد، خصوصًا أن ما ورد في “الورقة” العربية – الخليجية، يشكّل مادّة خلافية مزمنة بين اللبنانيين المنقسمين عمودّيًا وأفقيًا حول بعض التفسيرات والمصطلحات التي هي محلّ خلاف عميق وجذري، الأمر الذي يجعل من الصعب التوافق على قواسم مشتركة بينهم، ولكن هذا الأمر لن يصعّب على الجانب اللبناني إتخاذ موقف حاسم من كل ما ورد في هذه “الورقة”، كما يحلو للبعض تصويره. 
فالمتبصرّون، والذين ينظرون إلى الأمور من زوايا مختلفة، ومن ضمن رؤية شاملة غير محصورة بوجهة نظر معينة، يرون أن لا بدّ من إستلهام ما ورد في البيان الوزاري، الذي على أساسه نالت “حكومة معًا للإنقاذ” ثقة وازنة من قِبل مجلس النواب، للتأسيس عليه في الردّ الرسمي على هذه “الورقة”، وكذلك ما نصّ عليه إتفاق الطائف بالنسبة إلى السيادة اللبنانية. 
فماذا جاء في البيان الوزاري مما إعتبرته الحكومة “ثوابت وطنية ستحكم عمل حكومتنا”؟ أولًا-  التزام أحكام الدستور ووثيقة الوفاق الوطني، وإحترام الشرائع والمواثيق الدوليّة التي وقّع لبنان عليها وقرارات الشرعيّة الدوليّة كافة، والتأكيد على الإلتزام بتطبيق قرار مجلس الأمن الدّولي رقم 1701، وإستمرار دعم قوات الأمم المُتّحدة العاملة في جنوب لبنان، ومُطالبتها المجمتع الدولي بوضع حدّ للإنتهاكات والتهديدات الإسرائيلية الدائمة للسيادة اللبنانيّة، براً وبحراً وجواً، بما يؤمن التطبيق الكامل لهذا القرار.التأكيد على الدعم المُطلق للجيش والقوى الأمنية كافة في ضبط الأمن على الحدود وفي الداخل وحماية اللبنانيين وأرزاقهم وتعزيز سلطة الدولة وحماية المؤسسات. 

ثانيًا-  التمسّك بإتفاقيّة الهدنة والسعي لإستكمال تحرير الأراضي اللبنانية المُحتّلة، والدفاع عن لبنان في مواجهة أي إعتداء والتمسّك بحقه في مياهه وثرواته، وذلك بشتى الوسائل المشروعة، مع التأكيد على حق المواطنين اللبنانيين في المُقاومة للإحتلال الإسرائيلي وردّ إعتداءاته وإسترجاع الأراضي المُحتّلة. 
ثالثًا –  استئناف المفاوضات من أجل حماية الحدود البحرية اللبنانية وصونها من جهاتها كافة. 
رابعًا –  مُتابعة مسار المحكمة الخاصة بلبنان المُنشأة بموجب قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1757 والخاصة بجريمة إغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه وصولاً لإحقاق الحقّ والعدالة تمهيداً لإقفال هذا الملف في مهلة أقصاها 30 تموز 2022. 
خامسًا –  إيلاء الإهتمام اللازم بقضية تغييب الإمام موسى الصدر ورفيقيه في ليبيا ودعم اللّجنة الرسميّة للمتابعة بهدف جلاء ملابسات هذه القضية.  
سادسًا-  التأكيد على حق العودة للاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم وعدم توطينهم في لبنان.  
سابعًا –  مُتابعة العَمل على عودة النازحين السوريين وتعزيز التواصل مع المُجتمع الدولي للمُساهمة في مواجهة أعباء النزوح السوري، مع الإصرار على عودة هؤلاء النازحين الآمنة إلى بلدهم ورفض أي شكل من أشكال إدماجهم أو توطينهم وتنفيذ ورقة السياسة العامة لعودة النازحين التي اقرتها الحكومة اللبنانية وإعادة النظر فيها إذا لزم الأمر.  
ثامنًا – تعزيز علاقات لبنان مع الدول العربية الشقيقة والإصرار على التمسّك بها والمحافظة عليها والحرص على تفعيل التعاون التاريخي بين بُلداننا العربية، ودعوة الأشقاء العرب إلى الوقوف إلى جانب لبنان في هذه المحنة التي يرزح تحتها شأنُهم دائماً مشكورين.  
تاسعًا-  تعزيز علاقات لبنان الدوليّة وتفعيل إنخراطه مع المُجتمع الدولي وشريكه الأوروبي بما يخدم المصالح العُليا للبنان وتنشيط العلاقات مع الإتحاد الأوروبي وإطلاق مفاوضات أولويات الشراكة إضافة إلى تفعيل لجان العمل المُشتركة بين الطرفين تمهيداً لعقد إجتماع مجلس الشراكة. 
وقد تكون البنود 4 و5 و6 و7 الواردة في البيان الوزاري على غير صلة بـ”الورقة” الكويتية، ولكن مجرد التذكير بها من شأنه أن يصبّ في خانة تعزيز قدرات الدولة وتحصين السلم الأهلي. 
أما الردّ على بند تطبيق القرار 1559 فسيكون مستوحىً من إتفاق الطائف في البند المتعلق ببسط سيادة الدولة على كامل الأراضي اللبنانية، وفيه “بما أنه تم الاتفاق بين الأطراف اللبنانية على قيام الدولة القوية القادرة المبنية على أساس الوفاق الوطني، تقوم حكومة الوفاق الوطني بوضع خطة أمنية مفصلة مدتها سنة، هدفها بسط سلطة الدولة اللبنانية تدريجياً على كامل الأراضي اللبنانية بواسطة قواتها الذاتية”، وحل جميع الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية وتسليم أسلحتها إلى الدولة اللبنانية، ويجري توحيد وإعداد القوات المسلحة وتدريبها لتكون قادرة على تحمل مسؤولياتها الوطنية في مواجهة العدوان الإسرائيلي. 
وما دون سوى ذلك فهو مجرد الدوران في حلقة مفرغة، خصوصًا أن جميع الذين يتعاطون بالشأن اللبناني يعرفون تمام المعرفة خصوصية لبنان وظروفه.