من جملة الانعكاسات المتوقع ظهورها تباعاً على قرار الرئيس سعد الحريري بتعليق العمل السياسي وتحديداً عزوفه عن المشاركة في الانتخابات التشريعية المُقبلة، ثمة نتيجة تكشّفت سريعاً خلال الساعات الماضية وتظهّرت بشكل فاقع الا وهي الخلاف الكبير الذي وقع بين “المستقبل” و”القوات اللبنانية” والذي سيحمل معه ارتدادات جديّة على المشهد العام.
مما لا شكّ فيه أن تعليق العمل السياسي لـ”المستقبل” خفف من أعباء “التيار” وبات أكثر تحرّراً في خطابه السياسي، ولعلّ أول ما قام به بعد فكّ قيوده هو الهجوم على “القوات اللبنانية” وتحميلها جزءاً من الخسائر التي تعرّض لها ودفعته الى الاعتكاف وعدم خوض معركة الانتخابات، الامر الذي استدعى ردوداً خجولة، حتى الساعة، من “القوات” منعاً لانفجار الواقع السياسي بين الطرفين والذي قد يؤدي الى خسائر كبيرة لديها.
وفق مصادر متابعة، فإن “المستقبل” يريد الابتعاد عن الاشتباكات السياسية، لذلك فهو قرر عدم دخول حلبة الانتخابات لكنه في الوقت نفسه لن يسمح لأحد سواء من حلفائه السابقين (القوات) او أخصامه من قوى الثامن من آذار بالانقضاض على قوّته الشعبية وبيئته الحاضنة لا سيّما بعد أن استشعر رغبة لدى القوات بذلك بعد خطاب رئيسها سمير جعجع الذي وصف في أوساط “المستقبل” بالمنمّق، حين أبدى تعاطفه مع الحريري، وعليه شبّت معركة الردود العنيفة التي لم تتوقف حتى هذه اللحظة.
خلاف المستقبل والقوات سيؤثر حتماً على الواقع الانتخابي ويثير ردود فعل في الشارع السُّني ستنعكس أقلّه على حجم الكتلة السنية التي ستصوّت لمرشحي القوات في المناطق التي يملك المستقبل فيها نفوذاً واسعاً. لذلك يبدو أن “القوات” تتجنّب الذهاب نحو تصعيد سياسي كبير مع “المستقبل” وتجهد للردّ ضمن الأطر الديبلوماسية على قياديين في “التيار الارزق” الذين رفعوا سقف الهجوم عالياً.
لكنّ الخلاف الثنائي قد يتدحرج ليشمل قوى أخرى، إذ إن الحراك اليوم بين القوى السياسية تمهيداً للانتخابات سيشهد مزايدات وخطابات لشدّ العصب بين فريق وآخر، لأن هذه القوى مأزومة الى حدّ ما وتسعى لفتح جبهات وخلق خصوم بهدف خوض الانتخابات من خلال اللعب على الوتر الشعبي في محاولة للململة قواعدها الجماهيرية في الدوائر والأقضية.
من هنا يبدو أن خلاف المستقبل – القوات لن يكون وحيدا، وقد يتزايد ويتصاعد بحسب رغبة المستقبل المتحرر من القيود والأثقال الانتخابية لذلك فإنه قد يذهب بعيدا في هجومه على “القوات” او سواها ان استدعى الأمر، إذ إن حساباته الانتخابية معدومة ولا مصالح له مع أي قوى سياسية، وبالتالي فهو سيستفيد من هذا الواقع ليكون مؤثراً في الاستحقاق النيابي اكثر من كونه معتكفاً عن خوض معاركه.