إحتوت الساحة السياسية اللبنانية بسرعة قياسية قرار الرئيس سعد الحريري تعليق العمل السياسي لتياره، الامر الذي لم يكن متوقعا في ظل وجود اطراف اساسية متضررة من عدم مشاركة “تيار المستقبل” في الانتخابات واطراف اخرى متضررة من اصل حصول الانتخابات.
مواقف اساسية حسمت فكرة حصول الانتخابات او اقله عزلت انسحاب الحريري عن مسألة تعطيل الاستحقاق النيابي، الموقف الاول لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي بما يمثل وطنيا ودستوريا وسنيّا أيضا ، اذ حسم اجراء الانتخابات واكد عدم وجود مقاطعة سنية لها.حديث ميقاتي، الذي منح الميثاقية والغطاء السني للانتخابات النيابية، اعطى مؤشرا واضحا ان الاستعدادات الحكومية والادارية لاجراء الاستحقاق الدستوري الاهم تسير على قدم وساق، وستحصل في موعدها، وما زاد اهمية هذا الكلام انه جاء بحضور مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان.
عائقان ازالهما ميقاتي، وهما المقاطعة السنية والعجز الحكومي، ليتبعه الموقف الثاني وهو موقف الرئيس فؤاد السنيورة الذي اكد انه لن يدعو ابدا الى مقاطعة الانتخابات النيابية، ما يعني ان اكثر المقربين من الحريري لن يكونوا في موقع تحويل مقاطعة تيار المستقبل الى مقاطعة سنية للانتخابات ما يفقدها ميثاقيتها وبالتالي تأجيلها.الموقف الثالث لرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الذي لم يأخذ موقفا متضامنا مع الحريري الامر الذي لو كان حصل، لشكل خطوة اساسية على احتمال تأجيل الانتخابات.مواقف رئيس الحكومة ومفتي الجمهورية ، اضافة الى المواقف التي سبقت تعكس ارادة داخلية ودولية بحصول الانتخابات في موعدها من دون اي تأجيل بالرغم من المخاطر التي ستنتج عن تعليق تيار المستقبل عمله السياسي والتي قد تنعكس زيادة في فرص قوى الثامن من اذار الانتخابية والنيابية.
وبحسب مصادر مطلعة فإن رسائل غربية وتحديدا اوروبية وصلت الى عدد من المعنيين في الساحة اللبنانية تقول بأن الانتخابات النيابية خط احمر لا يجب تجاوزه، وان عرقلة حصولها او تأجيلها سيعرض الساعين الى ذلك الى عقوبات قاسية وهذا ما لا يرغب به ايّ من الشخصيات الاساسية في لبنان. أحد اهم عوامل قوة الورقة التي لعبها الرئيس سعد الحريري كانت تكمن في وضع الانتخابات على المحك وتهديد اصل حصولها، وفي اسوأ الاحوال جعل المقاطعة السنية امرا واقعا يقلب مرازين القوى ويبدل نتائج الانتخابات على الساحة اللبنانية، لكن عملية احتواء الخطوة التي بدأت من حلفاء المستقبل تؤكد امرين، الامر الاول هو الرغبة الدولية بحصول الانتخابات بمعزل عن نتائجها والمعوقات التي تعترضها. اما الامر الثاني فهو أن خصوم حزب الله الاقليميين مصرّون على ان يكون الحزب من دون اي غطاء طائفي ومذهبي بعد الانتخابات النيابية، سواء فاز فيها بالاكثرية ام خسرها، وهذا بات احد الاهداف شبه المعلنة بالكباش الحاصل مع حارة حريك..