يعمل “حزب الله” منذ عدة اشهر وفق قاعدة تقول ان افشال محاولات عزله تبدأ من خلال تعزيز الواقع الانتخابي لحليفه المسيحي الاول، اي “التيار الوطني الحر”، باعتبار ان هدف خصوم الحزب سلبه اي غطاء مسيحي يتمتع به.
واذا كان اقناع “التيار الوطني الحر “بفك التحالف مع الحزب قد فشل، فإن اضعاف العونيين نيابيا سيجعل منهم كتلة سياسية هزيلة غير قادرة على تأمين اي غطاء مسيحي او وطني لحزب الله يعطيه هامشا من المناورة في الساحة اللبنانية.
ركز الحزب على كيفية دعم التيار الوطني الحر الذي يتعرض لخسائر شعبية وكان التحالف معه الحل المتاح الوحيد الذي سيمكنه من تعزيز كتلته النيابية بنحو ٦ نواب، كما ان مصالحة التيار مع حركة امل كانت احدى الاهداف الموضوعة..
لكن ما حصل بعد انسحاب الرئيس سعد الحريري من الحياة السياسية واعلانه عدم خوضه الانتخابات، فتح بابا جديدا للمساهمة بإحكام الطوق السياسي والشعبي ضد حزب الله وعزله بمشهد مشابه لما حصل عام ٢٠٠٥ بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري..
قد لا يكون الرئيس سعد الحريري حليفا سنيا لحزب الله، لكنه بالتأكيد استطاع ان ينظم الخصومة معه الى حد بعيد، الامر الذي اراح الحزب وساهم في تمتين الاستقرار السياسي الذي تبحث عنه حارة حريك عادة، لذلك فإن اخراج الحريري من المشهد يصيب الحزب بشكل جدي.
لا يؤدي خروج الحريري الى عدم استقرار الساحة السنية وبالتالي الوطنية فقط، علما ان هذه النتيجة كافية لارباك حزب الله سياسيا، الا انه قد يحقق احد امرين كلاهما يشكل ضررا جديا للحزب في الداخل اللبناني:
الاول هو ان تفرز الساحة السنية كتلة لا بأس بها من النواب الذين لا يعترفون بالتوازنات التقليدية على الساحة اللبنانية، اي بمعنى اوضح قد يذهبون الى مستوى مختلف من التصعيد في وجه الحزب، اما الامر الثاني فهو انخفاض غير مسبوق بنسبة التصويت السنية ما ينزع الغطاء السني عن السلطة الجديدة.
في الحالتين سيكون حزب الله المتضرر الاول نظرا للحساسية المفرطة التي تحكم تعاطيه مع الساحة السنية، ونظرا لكونه غير قادر في الوقت نفسه على الحفاظ على قوة حلفائه المسيحيين…