كابوس انفجار مرفأ بيروت الذي وقع في 4 آب 2020 لا يزال يخيّم على ذاكرة اللبنانيين ولا زالت تداعياته مستمرة، انفجار خطف أرواح مئات الشهداء ذنبهم الوحيد انهم تواجدوا في محيطه ولم يكونوا على علم بالخطر المحدق بهم فذهبوا ضحية ما كان يجب تفاديه.
سيناريو انفجار المرفأ قد يتكرر مُجدداً في منطقة الدورة ـ برج حمود حيث تتواجد خزانات غاز تهدّد حياة الآلاف.
مشكلة خزانات الغاز في المنطقة ليست بجديدة، فهي تعود لعام 2017 حين استحصلت إحدى شركات الغاز على رخصة لاستبدال خزاناتها القديمة بأخرى جديدة، علما ان هذه المنشآت تحتوي على خزانين سعت كل واحد منهما 5060 مترا مكعبا من الغاز المضغوط، الا ان السكان واصحاب الشركات والمعامل المجاورة اكتشفوا ان الخزانين أكبر من القديمين ما يخالف الرخصة الرسمية. فقامت بعض الشركات المجاورة بتقديم دعوى امام قاضي الامور المستعجلة في المتن، لوقف الاعمال ، وبطلب ابطال الرخص الممنوحة للشركة امام مجلس شورى الدولة، وبناء على قرار قضائي اوقفت الشركة العمل بالمشروع.
اليوم عاد الحديث مُجددا عن هذه القنبلة الموقوتة الموجودة في برج حمود بعد حريق “متعمد” من قبل “نابشي” النفايات بهدف إذابة المواد البلاستيكية عن شرائط ومواد تحتوي على معادن، هذا الحريق اندلع الأسبوع الماضي وبقيت سحب الدخان السوداء على مدى 3 أيام تغطي منطقة برج حمود ومحيطها وصولاً الى جونية.
نيترات أمونيوم من نوع آخر
الحريق شكل انذاراً بشأن الملفات البيئية المهددة للصحة والسلامة العامة، وأبرز هذه الملفات ملف خزانات الغاز في برج حمود التي هي بمثابة “نيترات أمونيوم من نوع آخر”.
رئيسة جمعية “غايا” غادة حيدر أكدت في حديث لـ “لبنان 24” ان “الجمعية تتابع هذا الملف الذي بات بعهدة القضاء الاداري المختص، حيث يواصل مجلس شورى الدولة تجميع المستندات واخذ إفادة المعنيين، بوجود الخزانات وصلاحية الرخص إضافة الى صلاحية الترميم وشروطه.”
وأعلنت حيدر عن دراسة أعدها مدير عام الاستثمار السابق غسان بيضون أظهرت حجم المخالفات ببعديها الاداري والقانوني مع ما تنطوي عليه هذه المخالفات من ريب مشروع تم إرسالها إلى كافة المسؤولين من رؤساء ووزراء ونواب تتضمن كل المعطيات لكي يكونوا على بينة من خطورة الموضوع، مشيرة إلى ان “مجلس شورى الدولة أوقف العمل بخزانات الغاز عام 2021 بعد شكاوى وردت من أصحاب المصانع والسكان في المنطقة”.
وقالت حيدر: “ما نقوم به بمثابة حملة تنبيه لتجنب وقوع كارثة جديدة شبيهة بانفجار مرفأ بيروت، فإضافة إلى خزانات الغاز يحتوي المكان على مواد خطرة وأي خطأ قد يقع عن قصد أو عن غير قصد سيتسبب بكارثة أكبر من انفجار مرفأ بيروت وقوته ستفوق انفجار المرفأ بـ 9 أضعاف”.
وأشارت إلى “عدم وجود دراسة للأثر البيئي لهذه الخزانات ، والملف تشوبه الكثير من الثغرات القانونية والإدارية”، مضيفة ان “الوزارات المعنية التي رخصت وسمحت باستبدال الخزانات القديمة بأخرى جديدة تنفي مسؤولياتها عن الموضوع”.
وتابعت حيدر: “يجب على بلديات المنطقة وليس فقط بلدية برج حمود واتحاد بلديات المتن ان يصدروا قراراً بمنع إعادة السماح بإنشاء هذه الخزانات لاسيما ان الشركة المعنية وسّعت نطاق عملها في مكان يتجاوز المساحة المسموح العمل بها بالإضافة الى وجود مخالفات قانونية وفنية وإدارية”.
ولفتت حيدر إلى انه “عندما أنشئت الخزانات منذ أكثر من 50 سنة في برج حمود لم تكن المنطقة سكنية وتحوي على عدد كبير من المصانع والعمال”، وأضافت: “لا يمكن التغاضي ان الخزانات موجودة أيضا بالقرب من مكب النفايات الذي يطلق انبعاثات سامة وبالتالي ان إشعال قداحة لا سمح الله كي لا نتحدث عن حصول خرق أمني خصوصا ان المنطقة مكشوفة أمنيا أو عملية تهريب غاز أو مواد سامة قد يُشعل المنطقة بأكملها”.
ماذا عن الحل؟
الحل برأي حيدر، هو بنقل هذه الخزانات إلى أماكن غير مأهولة لحماية الناس، وقالت: “صحيح ان هذا الأمر قد يكون مكلفا مادياً ولكن في حال وقوع كارثة ستكون الكلفة أكبر بكثير، وبما ان هذا الأمر غير وارد حالياً يجب على شركة الغاز المعنية احترام شروط السلامة العامة وعدم خرق القوانين”.
وحتى لا يتكرر هذان التاريخان، الأول انفجار خزان الغاز في الدورة في 30 آذار 1989 والذي تسبب بأضرار جسيمة على المستوى المادي والبشري والثاني انفجار آلاف الاطنان من نيترات الأمونيوم في مرفأ بيروت في 4 آب 2020 على الجهات المختصة التحرك قبل وقوع الكارثة وحينها لا ينفع الندم.