تهدئة مع جنبلاط وتسخين مع القوات

2 فبراير 2022
تهدئة مع جنبلاط وتسخين مع القوات

كتبت هيام قصيفي في” الاخبار”:بخلاف ما ذهب إليه البعض من تأويلات حول موقف جنبلاط من الانتخابات بعد انكفاء الحريري، بادر جنبلاط الى تحديد أولويتين: ذهابه الحتمي الى الانتخابات وطيّ صفحة رئيس الوزراء السابق. لا يمكن لزعيم المختارة أن يغامر بمصير الدروز في مرحلة حساسة من خلال قيامه بتجارب سياسية كالانكفاء أو المقاطعة. في زمن التوازنات الدقيقة، يصبح خيار من هذا النوع انتحارياً، مهما كان اعتراضه على قانون الانتخاب ورغبته في تبديله، ومهما كان موقفه الشخصي من الحريري أو من مرحلة عام 2005 التي كان أحد أركانها الأساسيين، وحتى التسوية الرئاسية.

لكن رغم أن جنبلاط بدا الأسرع في القفز فوق مرحلة الحريري، إلا أن ردة فعل قيادات في المستقبل، ومنها من لم يكن مطمئناً الى علاقة الحريري بمعظم شخصيات وقوى 14 آذار، لم تستهدف جنبلاط لا من قريب أو من بعيد. في وقت كان فيه الاشتراكي يستكمل لقاءاته الانتخابية بفتح قنوات الاتصال مع معراب، على افتراض أن الانتخابات قائمة.من المفارقات أن يستكمل المستقبل معاركه، بالمباشر أو غير المباشر، وكأن خطوة الحريري لم تحصل. وإذا كانت مشكلته المزمنة مع القوات لم تجد حلاً لها، منذ ما قبل التسوية الرئاسية وما بعدها، إلا أن خطورتها اليوم أنها يمكن أن تفتح مجالاً لتسعير طائفي، انطفأ في مرحلة عام 2005 وما بعدها. وتأجيج الخطاب السياسي شحذاً للأصوات الانتخابية من السهل أن يحوّله إلى خطاب طائفي، ويجعل من تقاطعه مع خطاب التيار الوطني الحر وحزب الله أمراً واقعاً. وهذا يزيد من عناصر التوتر في البيئة اللبنانية الخصبة، وهناك عقلاء في المستقبل يعرفون أهمية ما جرى عام 2005، وخطورة ما قد يجري عام 2022. فإذا كان الحريري لا يزال على خصومته لجعجع لألف سبب، فلأنه دفع ثمن التسوية الرئاسية من دون جعجع الذي خرج منها حافظاً مكانه في الداخل والخارج، في حين أن جعجع بمعارضته لاتفاق الحريري على ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، جاء به الى الرابية الى تسوية أحرقت جسوره مع الرياض، وأخرجته من الحياة السياسية بعد خمس سنوات. لكن ارتداد الحريري على القوات، وتحميلها وحدها مسؤولية ما جرى معه، في مرحلة تنصبّ عليه العيون أكثر من أي وقت مضى، لن يكون من دون تداعيات.