تبدو التحضيرات للانتخابات النيابية المقبلة خجولة عند مختلف الأحزاب والتيارات في لبنان، فاذا حُذفت مشهدية الترشيحات العلنية التي يطلقها حزب القوات اللبنانية وبعض التجمعات “التغييرية” لتبين ان الساحة الانتخابية أشبه بمياه راكدة عكرّها الانسحاب المدوي للرئيس سعد الحريري ومعه تياره الأزرق.
وبعيدا من الأزرق، تبدو أجواء البرتقالي، اي “التيار الوطني الحرّ ” غير واضحة وغير أكيدة حتى الساعة، فحسابات التيار قد تتخطى عدد النواب لتطال اسهمها الاستحقاق الرئاسي ومعه ورقة العقوبات الأميركية التي تستخدمها دولة المنشأ وفقا لمبدأ “غب الطلب”.
وان سلمنا جدلا ان التحالف الانتخابي والسياسي مستمر بين حزب الله والتيار من منطلق المصلحة المشتركة عند الطرفين، تظهر اشكالية التحالفات المسيحية التي قد يعقدها التيار والتي لطالما شكلّت درعا حصينا له في معركته الدائمة والمستمرة للحفاظ على حقوق المسيحيين بغض النظر عن نتائجها.
فبعد الفراق بينه وبين رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، حاول التيار خلق نوع من التعويض عبر انتاج مروحة واسعة من التحالفات المسيحية تؤمن له عمقا واضحا في تمثيله المسيحي.
لكن وبعد الأحداث التي انطلقت ما قبل انفجار المرفأ في الرابع من آب، بدأ الأفرقاء المسيحيون الذين انضووا تحت اطار “تكتل لبنان القوي” ينسحبون واحدا تلو الٱخر حتى بقي “الطاشناق” وحيدا وصامتا ومؤكدا حلفه الدائم مع الرئيس ميشال عون، بغض النظر عن بعض السلوكيات والتفاصيل التي أبى التوقف عندها منفردة، لكنها، وان اجتمعت، لربما ستشكل منعطفا أساسيا لواقع “الطاشناق” ومعه “لبنان القوي” ومعهما الحديث عن تكتل يجمع التمثيل المسيحي ببعده العام والشامل لا ببعده الحزبي والضيق.
في هذا الاطار أكد الأمين العام لحزب “الطاشناق” النائب هاغوب بقرادونيان لـ”لبنان 24″ أن ” تجربة العام 1992 علمتنا ان التمثيل الصحيح هو السبيل الوحيد نحو الاستقرار. والتحليلات والشائعات تبدو كثيرة في هذه الأيام، فالبنسبة قضاء المتن يتسع للجميع دون استثناء، ولا بد من ان يصل مختلف الأفرقاء والقوى السياسية المتنية الى الندوة البرلمانية “.
وعن تحالفات “الطاشناق” قال بقرادونيان ” ندرس الأرقام والحواصل بشكل متأن ولا شيء أكيدا حتى الساعة، فتمثيل الأرمن ومعهم (الطاشناق) لا بد من أن يكون اكيدا وصحيحا وكاملا، فاليوم كطائفة لدينا ستة نواب وهذا حق طبيعي يسعى الطاشناق للحفاظ عليه وتطويره.
من هنا تجدر الاشارة الى امكانية الفصل بين التحالفات الانتخابية والسياسية، وهذه فرضية التزمنا بها جميعا بفعل طبيعة القانون الانتخابي الحالي.
ونحن في حالة البحث عن طبيعة تحالفاتنا التقليدية وغير التقليدية بما يؤمن تمثيل مصالحنا ومصالح من نمثل وبالتالي لا قرار حتى اللحظة في تحالفنا او عدم تحالفنا مع التيار الوطني الحر أو ميشال الياس المر.
أما بالنسبة لحزب الكتائب اللبنانية فتشير الأرقام الى انه لا مصلحة لنا ولهم في خوض الانتخابات في حلف واحد”.
ووفقا للتعميم الذي أصدره وزير الداخلية والبلديات بسام المولوي تنتهي مهلة تقديم طلبات الترشيح للانتخابات النيابية في الخامس عشر من شهر أذار المقبل، أي بعد حدود الشهر والنصف، وهذا ما قد يدفع “الطاشناق” الى الاستمرار في التزام الصمت الانتخابي الاختياري لا الالزامي عملا بالقاعدة التي لطالما انتهجها والمتمثلة في حسم الخيارات فبل 24 ساعة او 48 ساعة في أفضل الأحوال.
من هنا ووفقا لمصادر مطلعة فان الحديث عن طلاق أكيد بين ” الطاشناق” و”الوطني الحرّ” في المتن أقله، لا يمكن وضعه الا في خانة الشائعات على غرار الشائعة القائلة بأن الحزب الأرمني لن يتحالف مع النائب نقولا صحناوي نظرا “لتورطه في ملفات فساد مختلفة”، كما قيل.
وفي السياق يظهر التحالف بين “الطاشناق” و “التيار” كموضوع بحث أكيد عند الطرفين، اذ بالنسبة ل” التيار” فان التحالف مربح سياسيا ووطنيا، اما بالنسبة “للطاشناق” فقد يكون هذا التحالف مربحا انتخابيا لاسيما بعد الصعوبات التي يعيشها في ظل القانون النسبي الذي خفف شيئا من وهج حضوره المتني.