يختتم امين سر الكرسي الرسولي للعلاقات بين الدول في الفاتيكان المونسنيور ريتشارد بول غالاغر لقاءاته في لبنان اليوم باجتماع يعقده ظهرا مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في السراي الحكومي.
وكتبت” النهار” ان المواقف الهادفة والبالغة الأهمية التي يعلنها في زيارته للبنان تثير الكثير من الحذر والتنبه خصوصا مع دأبه على التذكير بمواقف البابا فرنسيس من الوضع في لبنان، ليصح القول ان كل معالم الخوف من صحة الخشية الفاتيكانية على لبنان تنطبق على مجريات الأوضاع الحالية”.
وكتبت” نداء الوطن” ان مواقف الموفد البابوي عكست دعماً فاتيكانياً واضحاً لطروحات بكركي الوطنية، حيال سبل إخراج لبنان من أزمته، لا سيما وأنّ غلاغر حرص خلال زيارته الصرح البطريركي أمس على المشاركة في جزء من الاجتماع الشهري للمطارنة الموارنة برئاسة البطريرك بشارة الراعي، والذي أكد المجتمعون في ختامه على “وجوب المعالجة الحازمة للخلل الطارئ على العلاقات اللبنانية – الخليجية، بحيث يوضع حد نهائي للتدخلات في شؤون الأشقاء والأصدقاء”، ورأوا في هذا الخلل “مثلاً ساطعاً لحاجة لبنان الماسة إلى إعلان حياده، فلا يعود ساحة للتجاذبات الخارجية وتستقيم حياته السياسية نحو التركيز على حسن إدارة أوضاعه وتواصله مع الخارج القريب والبعيد”، مع التشديد كذلك على ضرورة “وصول الحكومة اللبنانية وصندوق النقد الدولي إلى اتفاق في مدى قريب، بما يفتح الباب واسعاً أمام المباشرة بالإصلاحات المطلوبة”، وأهمية الحؤول بين التحولات السياسية الجارية “وبين احتمالات تأثيرها سلباً على الانتخابات النيابية والرئاسية”. وكتب فادي عيد في” الديار” أن وزير الخارجية الفاتيكاني يحمل في زيارته ملفات في غاية الأهمية تتمحور حول أربع نقاط أساسية:
ـ ضرورة إخراج لبنان من أزماته ومعضلاته، وهنا، سبق للبابا فرنسيس الأول، أن تولّى شخصياً القيام بالإتصالات مع زعماء الدول الغربية والعربية المعنية بالملف اللبناني، من أجل هذه الغاية، ولكنه اصطدم بالواقع اللبناني من خلال فترة التكليف قبل التأليف قبل تشكيل الحكومة الحالية، إلى التأليف وتفاقم الأزمات على الساحة الداخلية سياسياً واقتصادياً ومالياً، ولكنه، وفق ما أعرب عنه الموفد الفاتيكاني، فإن البابا مستمر في مساعية لهذه الأهداف.
ـ إن الفاتيكان قلق على مستقبل لبنان وتغيير خصائصه، وخروجه عما يتمتّع به من تعدّدية طائفية وثقافية، وهذا ما كان قد عكسه السينودس الذي انعقد في الفاتيكان خلال حقبة البابا يوحنا بولس الثاني، وهذه المسائل أثارها لاحقاً البابا فرنسيس مع رؤساء الطوائف المسيحية في لبنان خلال زيارتهم لعاصمة الكثلكة في العالم، والتي جاءت بناء لرغبة من قداسته.
ـ ثمة هواجس تعتري الكرسي الرسولي في هذه المرحلة بالذات على صعيد الوضع المسيحي الداخلي في لبنان، وهذا ما أثاره البابا فرنسيس الأول في قبرص خلال لقاءاته الجانبية وبالتالي، فان الملف الأبرز الذي يحمله الكاردينال غلاغير، يندرج في هذا السياق، بمعنى أن الكرسي الرسولي، وبعد الحروب الحاصلة في العراق وسوريا ومناطق أخرى، بات قلقاً على الوجود المسيحي في المنطقة، على الرغم من أنه يعتبر لبنان نموذجا فريدا في التعايش الإسلامي ـ المسيحي، ولطالما كان وما زال يركّز على هذه النواحي والأسس الصلبة التي قام عليها لبنان، وإنما شعر الفاتيكان في الآونة الأخيرة أنه بدأت تبرز معالم خطرة تهدّد هذا الوجود على أكثر من خلفية، بداية الهجرة المتصاعدة والمخيفة في آن لعائلات مسيحية بأكملها، في ظل ما يشهده لبنان من صراعات ونزاعات طائفية وأزمات حياتية واجتماعية ومعيشية.
إن القلق الآخر الذي يعبّر عنه البابا فرنسيس شخصياً والفاتيكان عموماً، يتمثل بعودة الصراع المسيحي ـ المسيحي، وهذا أمر مخيف وخطر، خصوصاً بين بعض القوى الأساسية التي سبق وأن تناحرت في ما بينها في مراحل سابقة. ومن هنا، شدّد وزير الخارجية الفاتيكاني، على أهمية التعايش في لبنان، ومن ثم ضبط الساحة المسيحية ووقف السجالات والإنقسامات والخلافات، كيلا تؤثّر أكثر وأكثر في الوجود المسيحي في لبنان.