كان لعزوف الرئيس سعد الحريري الأثر البالغ على مجمل الحياة السياسية في لبنان، الأمر الذي اعطى دفعا نحو نقاشات مجدية خصوصا في ظل تطويق الذهاب نحو إحباط سني سيؤدي إلى مقاطعة الانتخابات المرتقبة، و هذا الأمر الذي لا يحتمله واقع لبنان الذي يتخبط بأزمات لا حصر لها.
تلقفت دار الفتوى صدمة الحريري، وعمدت إلى تبديد الهواجس عبر تثبيت مرجعية سياسية عنوانها السراي الحكومي بالتوازي مع الدور الوطني عبر فتح أبواب عائشة بكار والعودة إلى الثوابت الوطنية، انطلاقا من الدور الجامع الذي لعبه السنة منذ تأسيس الكيان اللبناني القائم على الاعتدال السياسي.على الهامش، تراوحت مفاعيل الإنكفاء السياسي للتيار الأزرق لتتخذ أشكالا متعددة منها استغلال الظرف ومحاولة الاستمالة ،على غرار حالة رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل ، او اندلاع معارك شرسة بين مناصري المستقبل والقوات اللبنانية ، أو التوجس من مخاطر الإنكفاء واللجوء إلى اهون الشرور وهي صناديق الاقتراع ، كما فعل النائب السابق وليد جنبلاط.
لذلك ، يعمد باسيل إلى تحسين وضعية “التيار الوطني الحر” ، من خلال محاولة اخيرة داخل مجلس النواب بإبعاد كأس التصويت الاغترابي الذي سيصب حكما ضد القوى السياسية التقليدية َ والعهد كما تياره ، دون نجاح التقديرات في معرفة القوى البديلة التي ستستفيد من النقمة الشعبية العارمة، رغم ذلك تكاد تجزم الاراء بفشل محاولة باسيل، ما يفرض التفرغ لإدارة معارك انتخابية محتدمة.امام هذا الواقع، ترصد أوساط سياسية متابعة حركة باسيل التي باشرها من عقر دار الاحباش في برج ابي حيدر كما يستكملها مع أطراف سياسية بعيدة عن الاضواء في سبيل نسج تحالفات سياسية في الدوائر ذات الغالبية السنية، و يهدف باسيل إلى التعويض عن خسارته المتوقعة في الدوائر المسيحية الكبرى عبر الدوائر المختلطة ذات الاغلبية غير المسيحية في بيروت و طرابلس وصيدا وعكار.في هذا المجال، تكشف معلومات عن اهتمام باسيلي شديد بالاستعاضة عن حلف المستقبل والظفر بأصوات السنة التفضيلية في الدوائر ذات الأكثرية المسيحية ، عبر الرهان على تأمين حواصل لمقاعد مسيحية ضمن اكثرية إسلامية، وهذا يتطلب اقامة تحالفات مناطقية لا تتجاوز الدائرة الواحدة، كما هو حاصل مع الاحباش في بيروت وكمال الخير في الضنية ، و ستنحسب على عكار ودوائر البقاع والجنوب ايضا.