حزب الله عن الورقة الكويتية.. خروج تحايلي عن “وثيقة الوفاق الوطني”

4 فبراير 2022
حزب الله عن الورقة الكويتية.. خروج تحايلي عن “وثيقة الوفاق الوطني”

تعيش القوى السياسية حالة انتظار لما سيحصل في المنطقة، فهي تترقب مسار ساحات الاشتباك في الاقليم، وطاولات المفاوضات: الإيرانية – السعودية والأميركية – الإيرانية علماً أن لبنان يبقى مجرد تفصيل أمام حجم الملفات الضاغطة والمتشابكة والتي تبدأ بأوكرانيا ولا تنتهي باليمن، وهذا يؤشر إلى ان استحقاقات لبنان الأساسية والتي تصب كلها في خانة أزمة النظام لا تزال قيد الدرس عند دول القرار ولم يحن وقت وضعها على الطاولة رغم الحديث المتكرر  منذ انفجار 4 آب العام 2020 عن عقد سياسي جديد للبنان بعدما أدت صيغة اتفاق الطائف غرضها، الا ان الطروحات لا تزال تدور في سياق طرح المبادرات ولم تتجاوز هذه الحدود، لأسباب تتعلق باستحقاقات الدول المعنية وانشغالاتها وازماتها، ربطا بأن أي اتفاق جديد سوف يراعي هواجس كل الأطراف المحلية بعيدا عن أي صيغ تعزز المثالثة أو ما شابه.
 
في الأونة الاخيرة عاد الحديث عن القرار 1559، إذ أن المبادرة الكويتية تضمنت بنوداً مرتبطة بضرورة التزام لبنان باتفاقية الطائف والقرارات الدولية لا سيما الـ 1559 و1701 و1680، وهذا يعني  من وجهة نظر قوى سياسية مناوئة لحزب الله أن اتفاق الطائف نص على ما حرفيته” حل جميع الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية وتسليم أسلحتها إلى الدولة اللبنانية خلال ستة أشهر تبدأ بعد التصديق على وثيقة الوفاق الوطني وانتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل حكومة الوفاق الوطني، وإقرار الإصلاحات السياسية بصورة دستورية”، وبالتالي فإن من يدعي أن هذا الاتفاق استثنى حزب الله فهو يزور الواقع.  أما من وجهة نظر  المدافعين عن الحزب، فإن حزب الله وبعد توقيع اتفاق الطائف عام 1989،  سمح له الاحتفاظ بسلاحه، بوصفه “قوة مقاومة”، تهدف إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للبنان وهذا ما تكرس في العام 2000 في عملية التحرير التي بدأت في 21 أيار من ذاك العام.
 
وأمام هذا التضارب في المواقف، وردت في الساعات الماضية معلومات مفادها أن المملكة العربية السعودية أبدت استغرابها وانزعاجها لخلو الرد اللبناني على الورقة الكويتية من أي اشارة الى القرار 1559، والذي يشكل تعهد الدولة اللبنانية الالتزام بتطبيقه رسالة ايجابية لعودة العلاقات بين لبنان والسعودية إلى ما كانت عليه، ورفضت تشكيل  لجنة مشتركة للتفاوض مع الحكومة اللبنانية، وهذا يعني أن الأمور في الفترة المقبلة لن تشهد أي تحسن يبنى عليه، إذ أن الرياض ستبقي على سياستها التشددية تجاه لبنان.
 
وبالتزامن مع هذه المعطيات، جددت كتلة الوفاء للمقاومة، في بيان يوم أمس، تأكيد “التزامها وثيقة الوفاق الوطني دون أي زيادة او نقصان”، ودعت “الجميع إلى ملاقاتها عند هذا الإلتزام”، منبهة إلى أن “أي خروج ولو تحايلي على هذه الوثيقة ينطوي على جملة مخاطر كبرى تهدد بالتأكيد المصالح الوطنية للبنان واللبنانيين، ولن ينفع لتداركها رهان بعضهم على دعم خارجي له من هنا او هنالك”.
 
ورأت أنه “وسط الإستحقاق الإنتخابي النيابي الذي دخلت فيه البلاد، تصر بعض الجهات على استخدام خطاب سياسي عالي السقف والنبرة وكأنها تقود انقلابا للاطاحة بثوابت الوفاق الوطني التي ارتكزت إليها تسوية الطائف وجرى تعديل الدستور اللبناني على أساسها”.
 
وفق مصادر مطلعة على موقف حزب الله فإن بيان الكتلة يوم أمس أسوة بكل بياناتها، مدروس وصلب يخاطب المرحلة وأولوياتها. أهداف الرسائل التي بعتت من خلال البيان دقيقة وفي سياقها المحدد وتختلف عن المواقف المنبرية التي غالبا ما تحمل ارتجالا ًواجتهاداً ولا تلقى في أحيان كثيرة ترحيبا عند قيادة الحزب.
 

وبحسب المصادر نفسها، فإن بيان الكتلة تضمن رداً غير مباشر على المبادرة الكويتية، فهو لم يأت على ذكرها بالاسم لعدم إعطاء أي شرعية للطرح  الخليجي حيال القرار 1559، أو إفساح المجال أمام أي سجال لا ينتهي، أو إعطاء مشروعية لفريق خارجي بالتدخل في فرض قرارات تمس سيادة لبنان، هذا فضلا عن أن  البيان صوب على الذين يقودون هجوما ضد الحزب في سياق ما بات يعرف ببرنامجهم الانتخابية واجنداتهم كحال رئيس حزب القوات سمير جعجع الذي يحصر مشروعه الانتخابي بالتصويب ضد الحزب عبر خطاب طائفي ينسجم مع مشاريع داعميه في الخارج. وتشير المصادر إلى أن الحزب لا يزال هو، ولم تتغير أجندته الاستراتيجية، ولن يتراجع عن دوره وعن قدراته ولن يستطيع أحد أن ينزع سلاحه طالما أن اسرائيل لا تزال تحتل أراض لبنانية في الجنوب وتنتهك حدود لبنان البرية والبحرية، وأن هذا السلاح للدفاع عن نفط لبنان وغازه من الأطماع الإسرائيلية.
 
وفي ضوء الكلام عن تحضير غربي لمؤتمر دولي حول لبنان، يفهم من تصريحات مسؤولي حزب الله، أن الحزب يريد المحافظة على الستاتيكو القائم وتوازن القوى الحالي، لكن  مصادره تقول إنه  لن يدخل في أي مهاترات تتصل بدستور جديد أو مؤتمر جديد لم تتقاطع ظروفه الداخلية والخارجية ، ولا يزال توقيته مجهولا.