عينُ “القوات” على الطائفة السنيّة.. هل وجدت “حليفها” الجديد؟

6 فبراير 2022
عينُ “القوات” على الطائفة السنيّة.. هل وجدت “حليفها” الجديد؟

باتت واضحة معالم حركة حزب “القوات اللبنانية” المرتبطة بالانتخابات النيابيّة المقبلة، خصوصاً أنه الحزب الوحيد الذي يتعاطى مع استحقاق أيّار المقبل وكأنه حاصلٌ غداً. 

بشكل مباشر، تكثف “القوات” حراكها الانتخابي في سباقٍ مع الآخرين، وقد باتت الحزب السياسيّ الأول الذي يُعلن عن أسماء مرشحيه في مختلف الدوائر الانتخابية بعكس الأحزاب الأخرى التي تتهيأ لخوض الانتخابات ولكن بـ”حذرٍ شديد”.  
اليوم، حسمت “القوات اللبنانية” تموضعها في أكثر من دائرة، لكنّ الأنظار تتجهُ إلى حلفائها الذين سينضمون إليها في لوائح واحدة. وهنا، يطرح سؤالٌ أساسي نفسه: من هي الجهات السنيّة التي ستتحالف معها القوات اللبنانية؟ وكيف ستتعاطى مع حلفائها الذين يشكلون جزءاً لا يتجزأ من السلطة الحالية والتي تقول “القوات” عنها إنها “فاسدة”؟ 
في الواقع، شكّل انكفاء تيار “المستقبل”، الحليف السابق للقوات، متنفساً للحزب الأخير الذي بات يعتبرُ أن الأرضية المتاحة له ضمن الطائفة السنية أصبحت كبيرة. إلا أنه في المقابل، لا تُدرك “القوات” مدى “النفور” الذي تواجهه في أوساط الطائفة خصوصاً بعدما بات ينظر إليها على أنها “أوّل من انقلب على الحريري” وسارع للاستفادة من غيابه. 
حتى الآن، لم تنكشف نوع الخطوط التي ترسمها “القوات” ضمن الطائفة السنية، إذ لم يتبين بعدُ من هي الأسماء التي قد تتحالف معها ضمن الطائفة. إضافة إلى ذلك، تُطرح تساؤلات أساسية وهي: هل ستقبلُ “القوات” في ضمّ نواب سُنّة إليها؟ هل من منتمين إليها من الطائفة السنية؟ ما هو عددهم وأين يتواجدون؟ ما هي المناطق السنية التي يمكن للقوات أن تمونَ عليها؟ هل ستسعى “القوات” إلى تبنّي ترشيح أطراف سنيّة تؤيد خطها السياسي؟  

بشكل أو بآخر، يبدو الكلامُ عن “تغلغل القوّات” في جسد الطائفة السنية بعيداً عن الواقعية، رغم أن هناك الكثير من المؤيدين لها ضمن الطائفة، لاسيما عندما يتعلق الأمرُ برفض سلاح “حزب الله” و “النفوذ الإيراني في لبنان”. وبشكل فعلي، فإن هذا التأييد قد يرقى في مرحلة من المراحل إلى مستوى الإنتماء، لكن هذا الأمر يحتاجُ إلى الكثير من التحضير والتغيرات، وقد يُتوّج في مناطق كانت بعيدة عن اقتتال مباشر بينها وبين “القوات” خلال الحرب الأهلية.  
ماذا عن الأطراف السنية التي قد تتحالف مع القوات؟ 
ما يتبين مؤخراً هو أنّ هناك أطرافاً دينيّة يمكن أن تنضوي في لائحة واحدة مع “القوات اللبنانية”، مثل الجماعة الإسلامية في دائرة الشوف – عاليه. وعلى أرض الواقع، يتبين اليوم أن الجماعة تسعى إلى التحالف مع الحزب “التقدمي الإشتراكي” الذي سيتحالف بدوره مع “القوات”، ما يعني أن الأطراف الـ3 ستكون ضمن جبهة واحدة.  
من وجهةِ نظر المراقبين، يُعتبر تحالف الجماعة مع “القوات اللبنانية” أمراً لا يُمكن اغفاله أبداً، إذ يعتبر البعض أن الهدف من ورائه يرتبط بـ”الوصولية” وتحديداً بالنسبة للجماعة التي تسعى لإعادة تكوين نفسها سياسياً والدخول إلى مجلس النواب من جديد. 
كذلك، فإنّ ما يُرسم وراء هذا التحالف قد يكشف عن أمرٍ أساسي في حال تحقق، وهو أن “القوات اللبنانية” استطاعت الدخول إلى الطائفة السنية من خلال جماعةٍ دينية غير مُرحّب بها سعودياً ولا مصرياً.. فكيف سيكون ذلك؟ كيف ستبرر الجماعة الإسلامية هذا التحالف أمام جمهورها؟  
إضافة إلى ذلك، يبدو وثيقاً التقارب بين “الإشتراكي” و”القوات”، علماً أن الأول يعتبرُ من أركان السلطة الحالية التي تريدُ “القوات” الخروج منها والانتفاض عليها، وذلك بحسب الشعارات التي رفعتها إبان انتفاضة 17 تشرين الأول عام 2019. وهنا، تُطرح تساؤلات أخرى: هل تتعاطى القوات مع الاشتراكي على أنه خارج هذه المنظومة؟ هل الانتخابات الحالية غيّرت من توجهاتها وبدّلت نظرتها اتجاه أطراف السلطة؟ هل حكمت الضرورة على القوات بالتحالف مع طرف أساسي في المنظومة لتوسيع نفوذها؟  
حتماً، المعطيات كلها تشيرُ إلى ذلك، وتكشف عن أن الشعارات المرتبطة بالانقضاض على السلطة، تنتفي تماماً عندما يتعلق الأمرُ بأهداف انتخابيّة. كذلك، يتبين أيضاً أن الرهان اليوم يبقى على تحصيل أكبر عدد من المقاعد في مختلف الدوائر المفصليّة التي لا يمكن للقوات اللبنانية أن تخسر فيها أبداً أمام “التيار الوطني الحر”.  
في المُحصلة، يتبين بشكل كبير أنّ التحالفات التي تسعى “القوات” لتشكيلها ترتبط بالمصلحة أولاً، في حين أن الأنظار تتجه إلى خيارات الناس من مختلف الأطياف، وتحديداً إلى نظرتهم للتحالفات القائمة التي ستفرض نفسها بقوة على الساحة الانتخابيّة.