كتبت راجانا جمية في ” الاخبار”: اتّخذ المجلس الأعلى للجمارك خطوة منفردة في اتجاه زيادة رسوم الخدمات الجمركية بهدف تمويل زيادة أجور العاملين لديه وتأمين الموارد المالية اللازمة لتزويد إدارة الجمارك ببعض مستلزمات العمل من قرطاسية ومحروقات وصيانة وسواها.
هذا التصحيح يأتي بناء على المادة 330 من قانون الجمارك التي تنصّ على الآتي: “تحدد بقرارات من المجلس الأعلى للجمارك، بعد استطلاع رأي مدير الجمارك العام:
1- أجور الأعمال التي تجري لحساب أصحاب العلاقة خارج ساعات وأماكن العمل المعينة في الأنظمة الجمركية، وكذلك أجور موظفي الجمارك الذين يكلفون بتنظيم بيانات أصحاب العلاقة في الأماكن التي لا يوجد فيها مخلصون جمركيون مرخصون.
2 – رسوم عن خدمات جمركية أخرى يؤديها موظفو الجمارك لدى الاستيراد والتصدير وفي أوضاع الترانزيت وإعادة التصدير ولدى معاينة أمتعة المسافرين.
3- أصول توزيع المبالغ المستوفاة وفق أحكام هذه المادة. استخدم المجلس الأعلى حقّه في تطبيق هذه المادة مرتين خلال الأزمة المالية. في نهاية كانون الثاني عام 2020 أصدر قراراً بتعديل الأجور ورسوم الخدمات العامة، ثم أجرى في كانون الثاني 2022 تعديلاً عليها لتتناسب مع التطوّرات التي أصابت القدرات الشرائية لموظفي الجمارك، ولتأمين حاجات الإدارة والاستمرار في تأدية الخدمات العامة.وبموجب التعديل الأخير ارتفعت معدلات أجور الموظفين عن ساعات النهار والليل ورسوم الخدمات على النحو الآتي:رفع الأجور عن ساعات العمل الإضافية ما بين 75 ألف ليرة و300 ألف عن الساعة الواحدة، وذلك بحسب فئات الموظفين (الفئة الثانية وحتى الخامسة).زيادة رسوم الخدمات ما بين 400 ألفٍ وثلاثة ملايين ليرة محسوبة على أساس قيمة كل بيان جمركي (على سبيل المثال بدل مليون ليرة عن كل بيان تبلغ قيمته 350 مليون ليرة، ولا تتجاوز الـ700 مليون ليرة وهكذا).
المشكلة هنا ليست في تصرف المجلس الأعلى للجمارك، والذي أتاح له القانون أصلاً صلاحية لا تملكها كل مرافق الدولة. إذ بحسب المصادر “فإن لإدارة الجمارك خصوصية تختلف عن بقية إدارات ومؤسسات الدولة”، والمشكلة موجودة في هشاشة الدولة التي يفترض أن تعمل على ضمان موظفيها وقدرتهم على مجاراة الأزمة من خلال سلسلة واضحة للرتب والرواتب. وقد دفع غياب الدولة الكلّي بإداراتها ومؤسّساتها إلى التصرف على قاعدة أنها “حاكمية”. وإذا كانت إدارة الجمارك محمية بالقانون، إلا أنها لا تخرج من تلك المنطقة التي تسبب بها تقاعس الدولة. وهو السبب نفسه الذي يدفع مؤسساتٍ أخرى، قد لا يمنحها القانون “المواصفات” نفسها الممنوحة لإدارة الجمارك، لسلوك الطرق المنفصلة عن الدولة، مثلما فعلت وزارة الاقتصاد والتجارة أخيراً في قرار تعديل سلم فئات ودرجات وأجور المستخدمين في لجنة مراقبة هيئات الضمان.