بالرغم من تأكيد معظم القوى السياسية، فإن احتمال تأجيل الانتخابات النيابية لا يزال واردا، ولعل كثرة تكرار الرغبة بإجرائها يثير الشكوك الجدية عن نية بعض الاطراف المتضررة خصوصا ان التبدلات الشعبية قد تكون غير محسوبة ومن غير الممكن إلتماسها عبر استطلاعات الرأي مهما كانت دقيقة.
لكن تأجيل الانتخابات وبالتالي التمديد للمجلس النيابي كما حصل مع مجلس العام ٢٠٠٩ يحتاج الى غطاء اقليمي ودولي واضح، وهذا ما ليس موجودا اليوم في ظل التوافق الاميركي -الاوروبي على ضرورة حصول الاستحقاق في موعده من دون اي تأخير على اعتبار ان التأجيل سيؤدي الى اضطرابات سياسية والى تعميق الازمة الاقتصادية.
حتى ان المقولة التي بدأت تظهر منذ اعلان الرئيس سعد الحريري تعليق عمله السياسي، والتي تقول بأن الولايات المتحدة الاميركية ترغب بتأجيل الانتخابات لان نتائجها لن تكون بمستوى التوقعات، غير دقيقة، اذ ان واشنطن تتعاطى مع الاستحقاق الانتخابي بإعتباره ثابتة “ايديولوجية” اميركية لا تملك ترف السعي لتطييرها…
في المقابل خف الضغط الانتخابي على “قوى الثامن من اذار” بعد انسحاب تيار “المستقبل”، اذ بات الحفاظ على الاكثرية النيابية امرا واردا في الحسابات الرقمية، وبات الدفع لتأجيل الانتخابات ينطوي على خسائر ومخاطر اكثر من اجرائها في موعدها.
من هنا بات المتابعون يسمعون في اوساط “الثنائي الشيعي” ان تأجيل الانتخابات النيابية غير وارد، وان حصل فمن المستحيل ان يخرج عن الثنائي، لا بل ان حزب الله سيخوض معركة اجراء الانتخابات في موعدها حتى النهاية، ما يعني ان الحزب يرغب بإستغلال انكفاء المستقبل وعدم توحد المجتمع المدني ليفوز بالاكثرية مجددا..
حتى “القوات اللبنانية” تجد ان اي تأجيل تساهم به او توافق عليه سيضرب كل خطابها السياسي السابق وستكون تكلفته كبيرة جدا لا يمكن تحملها، لا بل فان توقعات معراب بان الانتخابات النيابية المقبلة ستؤدي الى اضعاف التيار الوطني الحر ستكون احدى اسباب اصرارها على حصول الانتخابات في موعدها لان في ذلك انتصارا غير مباشر لها.
كما ان “التيار الوطني الحر”، الذي يعتبره المراقبون احد اكبر المستفيدين من تأجيل الانتخابات، رفع مرارا صوته للتأكيد انه يرفض اي تمديد، وهذا ما يجعل “نزوله عن الشجرة” في هذا الموضوع مستحيلا، وما يعزز هذا التوجه هو تحسن فرص “التيار”وفرص حلفائه الانتخابية بعد انسحاب الحريري، ما يعني ان فرصة الفراغ في الساحة السنية لن تتكرر وسيكون التيار اول الساعين الى الاستفادة منها..
على الصعيد الحكومي، لا يملك مجلس الوزراء اي رغبة او خيار بتأجيل الانتخابات في ظل جدية فرنسا، احدى اهم رعاة الحكومة، في هذا الملف، وهذا ما اكد عليه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي اكثر من مرة..
بالرغم من كل هذه المؤشرات تبقى المخاوف من تأجيل الانتخابات هي الحاكم لمسار النقاش السياسي العام، وهذا ما قد يعيده البعض لاسباب متنوعة، لكن الاكيد ان ما يرسم في الاقليم من تفاهمات سيكون احد اهم اللاعبين في تحديد مصير الاستحقاق المنتظر..